تحذير الأمم المتحدة من تباطؤ نمو المؤشر العالمي

موقع أيام نيوز

في تقرير حديث يحمل نبرة تحذيرية واضحة، كشفت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، اليوم الأربعاء، عن توقعات قاتمة للاقتصاد العالمي، مشيرة إلى احتمال تباطؤ معدل النمو الاقتصادي إلى 2.3% فقط في عام 2025. ووصفت المنظمة هذا التراجع بأنه يضع الاقتصاد العالمي على مسار ركودي، محذرة من تداعياته العميقة على مستويات التجارة والاستثمار والوظائف حول العالم.

مستويات نمو مقلقة بعد الجائحة

تأتي هذه التقديرات في ظل استمرار التعافي البطيء من تبعات جائحة كوفيد-19، حيث لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني من آثار صدمة صحية واقتصادية غير مسبوقة

وأوضحت  أونكتاد أن النمو المتوقع في 2025 يُعد أبطأ حتى من المعدلات الضعيفة التي كانت سائدة قبل الجائحة، ما يزيد من المخاۏف بشأن قدرة الاقتصادات على العودة إلى مساراتها الطبيعية.

وأضاف التقرير أن العالم يواجه اليوم أعلى مستوى من عدم اليقين السياسي منذ بداية القرن، وهو ما ينعكس سلبًا على قرارات الشركات، ويقيد حركة الاستثمارات ويحد من فرص التوظيف، لا سيما في الاقتصادات الناشئة والنامية.

التوترات الجيوسياسية تعمق الأزمة

التقرير أشار بوضوح إلى أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة تلعب دورًا كبيرًا في تعميق حالة الغموض التي تكتنف المشهد الاقتصادي العالمي. وأوضح أن الإجراءات الحمائية والتدابير التجارية التقييدية، التي اتخذتها بعض الدول الكبرى، تؤثر بشكل مباشر على سلاسل الإمداد والتجارة الدولية.

وكمثال على ذلك، سلطت أونكتاد الضوء على التحركات التجارية الأمريكية في السنوات الأخيرة، وخاصة ما حدث في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، من فرض رسوم جمركية واسعة على عدد من الدول، قبل التراجع عن بعضها والاتجاه لاحقًا نحو فرض قيود أكثر صرامة على الصين، وهو ما تسبب في اهتزاز الأسواق المالية ورفع درجة عدم الاستقرار التجاري عالمياً.

الاقتصاد العالمي في مهب المواجهات الجيواقتصادية

وحذرت المنظمة الأممية من أن استمرار هذا النهج القائم على المواجهات التجارية والتنافس الجيواقتصادي قد يؤدي إلى اضطرابات خطېرة في النظام الاقتصادي العالمي، حيث تتعرض سلاسل التوريد لتهديدات متزايدة، وتُصبح حركة التجارة الدولية عُرضة للتجاذبات السياسية بدلاً من القواعد الاقتصادية.

وترى أونكتاد أن هذه التوترات لا تضر فقط بالدول المتنازعة، بل تؤثر أيضًا على الاقتصادات الأضعف، التي تعتمد على انسياب التجارة العالمية لاستمرار نموها وخلق فرص العمل لمواطنيها.

دعوة إلى التنسيق والحوار

في مواجهة هذه التحديات المعقدة، شددت أونكتاد على ضرورة تعزيز الحوار السياسي والتنسيق الاقتصادي على المستويين الإقليمي والدولي، من أجل تجاوز موجة الغموض التي تهدد الاقتصاد العالمي. 

ودعت المنظمة إلى الابتعاد عن السياسات الانفرادية والتركيز على التفاوض والتفاهم بين الدول باعتبارها السبيل الأمثل لاستعادة الثقة في الأسواق وتحفيز النمو.

كما أكدت على أهمية التكامل الاقتصادي بين الدول النامية، باعتباره عامل قوة يمكن أن يسهم في التخفيف من تأثير الأزمات العالمية، وذلك من خلال تعزيز التجارة البينية والاستثمارات المشتركة، وبناء شراكات مستدامة.

الحاجة إلى إصلاحات شاملة

التقرير لم يغفل الإشارة إلى الحاجة الماسّة لإجراء إصلاحات اقتصادية شاملة، تهدف إلى بناء أنظمة أكثر مرونة واستدامة.

 وذكرت أونكتاد أن الاقتصادات التي تنجح في تبني سياسات تنموية تعتمد على الابتكار والتحول الرقمي والطاقة النظيفة ستكون الأقدر على تجاوز التحديات الراهنة.

وفي هذا السياق، شددت المنظمة على أهمية معالجة الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية، وضمان توزيع عادل للفرص والاستثمارات، بما يعزز العدالة الاقتصادية ويقلل من التوترات العالمية التي تؤثر على استقرار النمو.

خلاصة المشهد

يبدو أن الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة مفصلية، حيث تتشابك العوامل السياسية والاقتصادية في معادلة صعبة، تتطلب من صناع القرار قدراً كبيراً من الحكمة والتنسيق.

 وبينما يبقى خطړ الركود قائمًا، فإن التحدي الأكبر يكمن في بناء منظومة اقتصادية عالمية أكثر تعاونًا ومرونة، تستطيع مواجهة الأزمات المتتالية واستشراف مستقبل أكثر استقرارًا ونموًا.

في النهاية، لا يزال الأمل معقودًا على أن تجد الدول الكبرى أرضية مشتركة للعمل الجماعي، لأن أي فشل في ذلك قد يُدخل الاقتصاد العالمي في نفق طويل من التباطؤ والانكماش، تكون تداعياته أشد على الفئات الأضعف والدول الأكثر هشاشة.

تم نسخ الرابط