انخفاض مبيعات سلسلة مطاعم البرغر ماكدونالدز
واشنطن - تشهد سلسلة مطاعم ماكدونالدز الأمريكية، أحد رموز صناعة الوجبات السريعة عالمياً، تراجعاً غير مسبوق في مبيعاتها خلال الربع الأول من عام 2025، حيث بلغت نسبة الانخفاض 3.6%، وهي النسبة الأكبر التي تسجلها منذ قمة الأزمة الوبائية عام 2020.
ماكدونالدز في أزمة: كيف هزت سياسات ترامب التجارية عرش الوجبات السريعة؟
تشير البيانات الصادرة عن الشركة إلى أن الانكماش الاقتصادي الذي شهده الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.3% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، تزامن مع تطبيق السياسات التجارية الجديدة للرئيس دونالد ترامب.
وقد أعلنت الإدارة الأمريكية في أبريل/نيسان الماضي عن حزمة من التعريفات الجمركية الجديدة التي أثرت بشكل مباشر على سلاسل التوريد ورفعت من تكاليف التشغيل للعديد من الشركات، بما فيها قطاع مطاعم الوجبات السريعة.
ووفقاً لتحليل شركة "فاكت ست" البحثية، فإن هذه الإجراءات جاءت في وقت غير مناسب لسلسلة ماكدونالدز، التي كانت تعاني بالفعل من تداعيات التضخم وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين. وقد علق الرئيس التنفيذي للشركة كريس كيمبزينسكي قائلاً: "نواجه بيئة اقتصادية معقدة، لكننا نمتلك الخبرة الكافية للتكيف مع هذه التحديات".
من القمة إلى الهاوية: لماذا تخسر ماكدونالدز معركتها في السوق الأمريكية؟
يكشف تحليل مسار أداء الشركة عن تحول جذري في مكانتها بالسوق الأمريكي. فبعد أن كانت نموذجاً للنجاح خلال عقود، تسجل الآن أكبر تراجع في مبيعات المطاعم منذ أربع سنوات. ويرجع الخبراء هذا التراجع لعدة عوامل:
- ارتفاع أسعار المنتجات بنسبة تجاوزت 20% منذ عام 2022
- تغير أنماط الاستهلاك لصالح خيارات طعام أكثر صحية
- المنافسة الشرسة من سلاسل مطاعم برغر جديدة تقدم أسعاراً أكثر تنافسية
- التأثير المتزايد لخدمات توصيل الطعام التي قلصت من زيارات المطاعم الفعلية
الزبائن يضربون بعرض الحائط: ثورة المستهلكين ضد ارتفاع أسعار البرغر
تشير استطلاعات الرأي إلى أن 68% من الأمريكيين يعتبرون أسعار ماكدونالدز "مرتفعة بشكل غير معقول" مقارنة بجودة المنتج. وقد عبرت سارة جونسون، ربة أسرة من شيكاغو، عن هذا المزاج العام بقولها: "لم أعد أجد مبرراً لدفع 10 دولارات مقابل وجبة كانت تباع بـ6 دولارات قبل عامين فقط".
ويبدو أن الشركة قد أخطأت تقدير عتبة تحمل المستهلكين للأسعار، حيث تشير البيانات إلى أن الأسر ذات الدخل المتوسط والمحدود، والتي كانت تشكل العمود الفقري لزبائن السلسلة، بدأت تبتعد بشكل ملحوظ عن مطاعمها.
ماين كرافت vs الواقع: كيف فشلت الحملات التسويقية في إنقاذ ماكدونالدز؟
على الرغم من إطلاق الشركة لحملة تسويقية ضخمة بالتعاون مع لعبة ماين كرافت الشهيرة، والتي كلفت ملايين الدولارات، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة في تعويض تراجع المبيعات. ويعلق خبير التسويق ديفيد ويلسون على هذا الفشل قائلاً: "لا يمكن للحملات الإعلانية وحدها أن تعالج أزمة ثقة المستهلكين في القيمة المقدمة مقابل السعر".
مؤشر البرغر: كيف أصبح تراجع ماكدونالدز مقياساً لأزمة الاقتصاد الأمريكي؟
يستخدم الاقتصاديون الآن مصطلح "مؤشر البرغر" للإشارة إلى حالة الاقتصاد الأمريكي، حيث يعتبرون أداء ماكدونالدز مؤشراً دقيقاً للقوة الشرائية للمواطن العادي. وتوضح المحللة المالية داني هيوستن: "عندما يبدأ الأمريكيون في التخلي عن وجبات البرغر السريعة، فهذا إنذار أحمر للاقتصاد ككل".
آفاق المستقبل: هل تستطيع ماكدونالدز استعادة عافيتها؟
تواجه الشركة خيارات صعبة في الفترة المقبلة:
- إما خفض الأسعار مما سيؤثر على هوامش الربح
- أو الحفاظ على استراتيجيتها الحالية مع خطړ استمرار فقدان الحصة السوقية
- أو تقديم قيمة مضافة حقيقية تبرر الأسعار المرتفعة
ويبقى السؤال الأكبر: هل يمكن لعملاق الوجبات السريعة أن يتكيف مع هذه التحولات الجذرية في السوق الأمريكي، أم أننا نشهد بداية نهاية حقبة هيمنة ماكدونالدز على صناعة البرغر السريع؟
يذكر أن أداء الشركة خارج الولايات المتحدة كان أفضل نسبياً، حيث سجلت نمواً في أسواق مثل اليابان وأستراليا، لكن هذا النمو لم يكن كافياً لتعويض التراجع الكبير في السوق الأمريكي الذي يمثل العمود الفقري لأعمال المجموعة.
