زيادة الطلب على العقارات المستدامة والصديقة للبيئة

في ظل التحديات البيئية العالمية وتغير سلوك المستهلكين يشهد سوق العقارات تحولا نوعيا نحو المباني المستدامة والصديقة للبيئة. لم يعد هذا التحول مجرد استجابة مؤقتة للضغوط المناخية بل أصبح توجها راسخا يعيد تشكيل مفاهيم التطوير العقاري والاستثمار طويل الأجل.
العقار المستدام يبنى وفق معايير بيئية دقيقة تشمل استخدام مواد صديقة للبيئة تحسين كفاءة الطاقة تقنيات إعادة تدوير المياه وتوليد الطاقة المتجددة. هذا النوع من المباني لا يهدف فقط إلى تقليل الأثر البيئي بل يعزز صحة السكان ويخفض التكاليف التشغيلية على المدى الطويل.
وباتت هذه الخصائص تمثل عوامل جذب أساسية للمشترين والمستأجرين والمستثمرين على حد سواء في ظل تزايد الوعي بأهمية الاستدامة في الحياة اليومية.
يتزايد الإقبال على العقارات المستدامة بفعل مجموعة من العوامل المتداخلة
الوعي المجتمعي المتصاعد يبحث المستهلكون عن بيئة سكنية صحية موفرة للطاقة ومتماشية مع قيم المسؤولية البيئية.
الجدوى الاقتصادية رغم ارتفاع كلفة البناء الأولية فإن العقارات المستدامة توفر تكاليف الطاقة والصيانة ما ينعكس على عوائد الاستثمار وقيمة الأصل العقاري.
التشريعات والمحفزات الحكومية تقدم العديد من الحكومات مزايا للمطورين الذين يلتزمون بمعايير الاستدامة مثل تخفيضات ضريبية وتسهيلات في تراخيص البناء ودعم تمويلي.
تشير تقارير السوق العقاري إلى أن المباني المعتمدة وفقا لمعايير الاستدامة مثل LEED و تحقق معدلات إشغال أعلى وتباع بقيم أعلى بنسبة تصل إلى 15 مقارنة بالعقارات التقليدية.
في دبي أصبحت الاستدامة جزءا من المخطط الحضري حيث تفرض الإمارة معايير بناء خضراء على المشاريع الجديدة وتدعم التحول نحو الطاقة الشمسية في المجمعات السكنية.
أما في كوبنهاغن فتسعى العاصمة الدنماركية لأن تكون أول مدينة محايدة كربونيا بحلول 2025 ما انعكس في زيادة حادة بعدد الأبنية الخضراء وخطط التوسع الحضري المستدام.
استجابت كبرى شركات التطوير العقاري لهذا التغير بتوجيه استثماراتها نحو مشاريع خضراء ذات تصميمات مرنة وتكنولوجيا ذكية. إذ أصبحت ميزات مثل الألواح الشمسية أنظمة العزل الذكية حدائق الأسطح وإعادة تدوير المياه أدوات تسويقية رئيسية ضمن الخطط الترويجية.
يؤكد المهندس فادي الشريف مدير تطوير مشاريع في إحدى الشركات الإقليمية
نشهد تحولا في عقلية السوق. المشترون لا يبحثون فقط عن موقع جيد وسعر مناسب بل عن جودة حياة مستدامة وكفاءة في التشغيل وقيمة مضافة للبيئة.
رغم الزخم المتزايد ما تزال هناك تحديات تعيق الانتشار الواسع للعقارات المستدامة أبرزها
ارتفاع التكلفة الأولية خاصة في الأسواق الناشئة.
نقص الكفاءات المتخصصة في التصميم والهندسة البيئية.
بطء التحديث التشريعي في بعض الدول ما يعيق اعتماد المعايير البيئية الحديثة كجزء من منظومة الترخيص والبناء.
إلا أن هذه التحديات بدأت تتراجع تدريجيا مع تطور التكنولوجيا وتوسع مبادرات التدريب وتزايد الضغوط الدولية لتحقيق أهداف الاستدامة بحلول 2030.
كل المؤشرات تشير إلى أن العقارات المستدامة ستمثل العمود الفقري لسوق العقار في المستقبل. فهي ليست فقط استجابة لواقع بيئي ضاغط بل أيضا استثمار ذكي يستند إلى خفض التكاليف وارتفاع معدلات الرضا ومتانة الأصول العقارية أمام التقلبات.
ولعل السؤال لم يعد هل نستثمر في العقار الأخضر بل أصبح كم سنتأخر عن الركب إذا لم نفعل