ترامب يدعو لاستخراج المعادن من مساحات شاسعة من قاع المحيط الهادئ

موقع أيام نيوز

ترامب يدعو لاستخراج المعادن من مساحات شاسعة من قاع المحيط الهادئ هل نحن على أعتاب سباق كنوز الأعماق
في عالم لا يكاد يهدأ من التوترات خرج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخرا بتصريح جديد كعادته يثير الدهشة
دعوة لاستخراج المعادن من مساحات شاسعة من قاع المحيط الهادئ!
نعم ترامب لا يتحدث هنا عن فتح مناجم جديدة في الجبال أو التنقيب تحت الصحارى بل يقترح أن تتحول أعماق المحيطات المظلمة تلك العوالم الغامضة التي بالكاد تطأها أقدام البشر إلى حقول تعدين مستقبلية.
ترى هل نحن على أعتاب سباق نحو كنوز القاع أم أن الفكرة تحمل من المخاطر أكثر مما نتصور
دعونا نغوص معا إلى الأعماق.
ماذا قال ترامب بالضبط
خلال خطابه الأخير ضمن تجمع انتخابي صاخب تناول ترامب موضوع الأمن الاقتصادي والابتكار التكنولوجي مشيرا إلى ضرورة أن تتحرر الولايات المتحدة من التبعية الخارجية للموارد المعدنية الأساسية مضيفا بحماس مميز
تحت أقدامنا بل في أعماق محيطاتنا الشاسعة توجد ثروات تفوق الخيال معادن نادرة وحديد ونيكل وكوبالت يكفي لجعل أمريكا عظمى مرة أخرى!
وكالعادة مزج ترامب بين نبرة الحماسة والروح القومية وبعض الوعود الكبيرة التي يحب أن يطلقها لجمهوره المتعطش دائما للأحلام الكبيرة.
لماذا المعادن البحرية فجأة
الموضوع ليس مجرد حاډثة جديدة. الحقيقة أن العالم بدأ ينظر بجدية إلى أعماق المحيطات كمخزن ضخم للمعادن الثمينة خصوصا
الكوبالت ضروري لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
النيكل مهم لصناعة الفولاذ المقاوم للصدأ والتقنيات الخضراء.
العناصر الأرضية النادرة تدخل في صناعة الهواتف الذكية والأقمار الصناعية والطاقة المتجددة.
ومع التوسع المتسارع في الصناعات الخضراء والتقنيات المتقدمة بدأت هذه الموارد تصبح أشبه بذهب القرن الحادي والعشرين.
وهنا بالتحديد يرى ترامب فرصة
إذا امتلكت أمريكا السيطرة على هذه الكنوز فستكون في موقع أقوى ضد الصين والدول الأخرى التي تهيمن حاليا على إنتاج هذه المعادن.
أين تقع هذه الكنوز البحرية
المنطقة المستهدفة التي ألمح إليها ترامب تقع في منطقة كلاريونكليبرتون مساحة شاسعة تمتد بين هاواي والمكسيك عبر وسط المحيط الهادئ.
تخيل مساحة تبلغ حوالي 6 ملايين كيلومتر مربع تغطيها عقيدات معدنية صغيرة تحتوي على النيكل الكوبالت النحاس والعناصر الأرضية النادرة ترقد بهدوء منذ ملايين السنين تحت طبقة رقيقة من الرواسب.
وكأن قاع المحيط قد خبأ كنزه طيلة الدهور بانتظار جيلنا ليفكر في قطفه!
حماس... ولكن أيضا مخاۏف كبيرة
فيما يرى البعض في خطة ترامب فرصة اقتصادية لا مثيل لها فإن آخرين يحذرون من مغبة هذا الاندفاع المعدني إلى قاع البحار.
الخبراء البيئيون يدقون ناقوس الخطړ
ټدمير المواطن البحرية قاع المحيط يعج بحياة دقيقة وهشة بعضها لم يكتشف بعد. عمليات التعدين قد تدمر هذه المواطن إلى الأبد.
تلوث المياه العميقة تحريك الرواسب قد يطلق مواد سامة أو يعرض الكائنات البحرية لمخاطر جسيمة.
تغير سلاسل الغذاء البحرية مما قد يؤثر لاحقا على البشر أنفسهم من خلال سلاسل الإمداد الغذائي.
بعبارة أخرى من الممكن أن نحصد الكنز ولكن على حساب كنوز أخرى لا تقدر بثمن.
العقبات القانونية
الأمر ليس سهلا كما يبدو لا أحد يستطيع ببساطة أن يضع علمه فوق قاع المحيط ويعلن ملكيته.
الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تضع قيودا على التنقيب في أعماق المحيطات وتفرض أن تتم الأنشطة هناك لصالح البشرية جمعاء.
حاليا الهيئة الدولية لقاع البحار ISA هي المسؤولة عن تنظيم مثل هذه الأنشطة ومنح التصاريح ورسم قواعد حماية البيئة.
ولأن الولايات المتحدة لم تصادق رسميا على هذه الاتفاقية فإن تحركات ترامب ستواجه تحديات قانونية معقدة على الساحة الدولية.
سباق عالمي قادم
دعوة ترامب قد لا تكون مجرد فكرة معزولة. الصين وروسيا وبعض الدول الأوروبية بالفعل تستثمر في أبحاث التعدين البحري مما يجعل احتمال حدوث سباق أعماق بين القوى الكبرى أمرا واردا جدا.
تخيل مشهدا مستقبليا
أساطيل من الروبوتات والغواصات الآلية تتزاحم في أعماق البحار تتنافس على سحب الصخور المعدنية من ظلمة المحيط إلى نور المصانع!
سباق لا يقل حدة أو توترا عن سباقات الفضاء في القرن الماضي.
الجانب الطريف ترامب وعالم البحار
بالنظر إلى شخصية ترامب المٹيرة للجدل وحبه للعبارات الكبيرة لم يكن مفاجئا أن يضيف شيئا من الدراما إلى تصريحاته.
فقد قال ممازحا خلال حديثه
سنجعل أمريكا تحصد الذهب... من تحت الحيتان!
موقف جعل جمهوره يضحك ولكنه أيضا أثار عاصفة من التعليقات الساخرة على الإنترنت حيث تخيل البعض ترامب يقود غواصة ذهبية عملاقة أو يرتدي زي غواص عتيق الطراز في حملته المقبلة!
الخاتمة حلم تحت الماء... أم مغامرة محفوفة بالخطړ
في نهاية المطاف دعوة ترامب لاستخراج المعادن من قاع المحيط تثير سؤالا أعمق
إلى أي مدى نحن مستعدون للمجازفة بالطبيعة من أجل الموارد
نعم قد نجد كنوزا مذهلة تختبئ تحت أمواج المحيطات لكنها قد تأتي بثمن بيئي غال ثمن قد لا نتمكن من دفعه لاحقا.
الخيارات بين أيدينا
إما أن نكون قراصنة عصريين يسعون وراء الذهب على حساب الطبيعة أو حماة حكماء يديرون هذه الموارد بحذر ومسؤولية.
وفي كل الأحوال يبدو أن أعماق المحيطات ستكون ساحة المعركة الاقتصادية الجديدة التي سنسمع عنها كثيرا في السنوات القادمة سواء أحببنا ذلك أم لا.

تم نسخ الرابط