معرض توظيف الإماراتي يجهز المجندين لسوق العمل

معرض التوظيف الإماراتي السادس: المجندون يدخلون سوق العمل بثقة واستعداد
أبوظبي مايو 2025
شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي هذا الأسبوع انطلاق الدورة السادسة من معرض التوظيف الإماراتي للمجندين، وسط مشاركة واسعة من المؤسسات الحكومية والخاصة، وحضور لافت لمجندي الخدمة الوطنية والاحتياطية الباحثين عن فرص عمل نوعية تواكب مهاراتهم وخبراتهم.
ويأتي هذا المعرض في إطار رؤية شاملة لتعزيز دمج الكوادر الوطنية المدربة في سوق العمل، وربطها باحتياجات القطاعات الحيوية داخل الدولة.
وتحت شعار "جاهزون للانطلاق"، رسخ المعرض نفسه كمحطة استراتيجية على مستوى التوظيف المحلي، حيث يوفر للمجندين بيئة مثالية لاكتشاف المسارات المهنية، والتفاعل المباشر مع مسؤولي الموارد البشرية، والتقدم إلى وظائف تلائم تطلعاتهم وتتناسب مع قدراتهم التي صقلتها سنوات من الانضباط والتدريب العسكري.
المجندون: من ميادين الخدمة إلى ساحات العمل
لا يخفى على أحد أن المجندين في الإمارات يخضعون لبرامج تدريبية مكثفة خلال فترة الخدمة الوطنية تشمل مهارات القيادة، العمل الجماعي، الانضباط، والالتزام.
وما يميز معرض التوظيف الإماراتي السادس هو ترجمته لهذه المهارات إلى لغة السوق، من خلال توفير فرص وظيفية مدروسة في مجالات متنوعة، تشمل:
قطاعات الأمن والدفاع
الصناعة والطاقة
التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
النقل والخدمات اللوجستية
البنوك والتأمين
وقد أبدت عشرات الشركات والمؤسسات اهتمامًا خاصًا باستقطاب المجندين، نظرًا لما يتمتعون به من جاهزية نفسية ومهارية، تجعلهم مرشحين مثاليين للوظائف التي تتطلب الالتزام العالي والقدرة على التحمل والعمل تحت الضغط.
أكثر من 100 جهة مشاركة وفرص تجاوزت التوقعات
شارك في المعرض أكثر من 100 جهة عمل، منها كيانات كبرى مثل شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، شرطة أبوظبي، مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، طيران الاتحاد، وبنك أبوظبي الأول.
ووفرت هذه الجهات آلاف الفرص الوظيفية للمجندين، إلى جانب برامج تدريبية متخصصة للخريجين الجدد.
وأكد منظمو المعرض أن هذه الدورة شهدت إقبالًا قياسيًا من المجندين، حيث تجاوز عدد الزوار 8,000 مجند خلال اليومين الأولين، ما يعكس حجم الثقة التي يوليها الشباب لهذه الفعالية.
وقال العميد سالم المهيري، مدير إدارة دعم المجندين:
"معرض التوظيف بات منصة انتقال حقيقية من الخدمة الوطنية إلى الحياة المهنية، ونحن نحرص على بناء جسور مستدامة بين المجند وسوق العمل بما يعزز من كفاءة الموارد البشرية الوطنية."
جلسات إرشادية وورش تأهيلية نوعية
لم يقتصر المعرض على تقديم الوظائف فقط، بل شمل أيضًا برنامجًا متكاملًا من الجلسات الإرشادية وورش العمل، قدمها خبراء في التطوير المهني، ركّزت على:
كيفية إعداد السيرة الذاتية بشكل احترافي
تقنيات اجتياز المقابلات الشخصية
التخطيط الوظيفي طويل المدى
المهارات الناعمة المطلوبة في القطاع الخاص
وشهدت هذه الجلسات تفاعلًا كبيرًا من المجندين، الذين وجدوا فيها فرصة حقيقية لفهم متطلبات سوق العمل، بعيدًا عن التلقين النظري.
المجند سعيد المنصوري، الذي أنهى خدمته مؤخرًا، قال:
"كنت قلقًا بشأن مستقبلي بعد انتهاء الخدمة، لكن مشاركتي في المعرض منحتني رؤية أوضح لما أريده، وتلقيت عروضًا فعلية من شركات كنت أطمح للعمل لديها."
تمكين حقيقي وامتداد للرؤية الوطنية
يمثل هذا المعرض جزءًا من الاستراتيجية الاتحادية لتمكين الكوادر الوطنية، ضمن رؤية الإمارات 2031، التي تضع الإنسان في صلب خطط التنمية.
فالخدمة الوطنية لم تعد فقط واجبًا دفاعيًا، بل أصبحت رافدًا للتمكين الاقتصادي، عبر إعداد جيل واعٍ، منضبط، ومؤهل للمساهمة في دفع عجلة التطور.
وقال ناصر السويدي، ممثل إحدى الشركات المشاركة:
"نحن لا ننظر إلى المجندين كخريجين عاديين، بل كأفراد تمرّسوا على العمل في بيئات عالية التحدي. هذا النوع من الجاهزية لا يمكن شراؤه أو تدريسه بسهولة، ونحن نرحّب بانضمامهم إلينا."
رسالة أمل وفرص ملموسة
في نهاية كل يوم من أيام المعرض، كان يمكن ملاحظة شيء واضح على وجوه المجندين: الطمأنينة.
طمأنينة نابعة من إدراكهم أن هناك من يعمل على تأمين مستقبلهم المهني، ومن يقدّر تضحياتهم ويترجمها إلى فرص حقيقية.
لقد تحوّل معرض التوظيف الإماراتي إلى أكثر من مجرد فعالية سنوية؛ إنه جسر عبور حقيقي من مرحلة العطاء الوطني إلى مرحلة البناء المهني.
ختامًا، في ظل الرؤية المستنيرة للقيادة الإماراتية، والمبادرات المتواصلة لتمكين شباب الوطن، يبدو أن المجند الإماراتي لن يخرج من الخدمة فقط بشرف الانتماء، بل أيضًا بجاهزية استثنائية للمساهمة في مستقبل الدولة الاقتصادي والاجتماعي.