المريخ 2025 : أحدث مشاريع استعمار الكوكب الأحمر
تتسابق وكالات الفضاء الوطنية والشركات الخاصة في عام 2025 نحو تحويل حلم استعمار المريخ إلى واقع، من خلال إطلاق برامج ومحاكيات، وتطوير مركبات صاروخية قابلة لإعادة الاستخدام، وإقامة مستعمرات نمطية على الأرض تحاكي ظروف الكوكب الأحمر. تشمل أبرز المبادرات موافقة إدارة الطيران الأميركية على زيادة عدد إطلاقات صواريخ ستارشيب، وإطلاق شركات تابعة لإيلون ماسك كيانات مدنية تحمل أسماء كوكب المريخ، فضلاً عن مشاريع بكين لبعثات عودة عينات تيانوين-3، ومحاكيات سكن بشړية طويلة الأمد على الأرض. هذه الجهود تواجه تحديات تقنية وبيئية وإنسانية، لكنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار البشري على المريخ بحلول نهاية العقد الحالي.
مشاريع وكالات الفضاء الحكومية
موافقة الـ FAA على برنامج ستارشيب
في مايو 2025، منحت إدارة الطيران الاتحادية الأميركية (FAA) شركة سبيس إكس الموافقة لزيادة عدد إطلاقات صاروخ ستارشيب من خمسة إلى 25 إطلاقاً سنوياً من بوكا تشيكا بولاية تكساس، وذلك بعد استكمال الدراسات البيئية اللازمة وفق قانون السياسة البيئية الوطنية.
يدعم هذا القرار رؤية إيلون ماسك الهادفة إلى استخدام ستارشيب في نقل البشر والبضائع إلى المريخ، مع الاعتماد على إعادة التزود بالوقود في المدار والموارد المحلية للمريخ لإتمام الرحلة ذهاباً وإياباً.
برنامج الصين لعودة عينات المريخ
أطلقت الصين وهيئة الفضاء الوطنية (CNSA) مشروع تيانوين-3 لاسترجاع عينات من سطح المريخ بحلول عام 2028، مع فتح الباب للتعاون الدولي في هذا البرنامج، والذي يهدف إلى الكشف عن أي بصمات حية سابقة على الكوكب الأحمر.
يمثل تيانوين-3 امتداداً لنجاح مهمة تيانوين-1 التي هبطت بالمركبة الجوالة عام 2021، مما جعل الصين ثالث دولة تحقق هبوطاً ناعماً على سطح المريخ.
مبادرات القطاع الخاص
تأسيس شركات «ريد بلانت فينتشرز»
في فبراير 2025، أسس جاريد بيرشال ثلاث شركات ذات مسؤولية محدودة في تكساس تحمل أسماء Red Planet Ventures I, II, III، في خطوة تعكس استراتيجية إيلون ماسك لإنشاء كيانات قانونية لدعم عجلة مشاريع استعمار المريخ، على غرار تأسيسات سابقة كـ Twitter Holdings.
من المتوقع أن تركز هذه الكيانات الجديدة على تمويل دراسات وتصاميم هندسية لمستوطنات مستقبلية، ومن المحتمل أن تلعب دوراً في تطوير روبوتات مساعدة مثل أوبتيموس التابعة لتسلا، والتي قد تُستخدم في مهام بناء على سطح المريخ.
تسريع جدول إطلاق البعثات
بحسب تقرير حديث، تدرس وكالة ناسا إمكانية إطلاق بعثات إلى المريخ في وقت مبكر من عام 2026، رغم أن الهدف الرسمي هو العقد القادم، وذلك في محاولة لتسريع خطط هبوط رواد الفضاء على الكوكب الأحمر.
يأتي هذا في ظل ضغوط لزيادة التمويل ودعم المشاريع التجارية لتعويض خفض محتمل في ميزانية ناسا وفق مقترحات إدارية أميركية، والتي قد تلغي بعض مشاريع المسح المناخي وتعيد توجيهها نحو الاستكشاف البشري.
محاكيات وبيئات اختبار على الأرض
مقر المحاكاة في مركز جونسون
أعلنت ناسا عن تأجيل زيارة إعلامية إلى بيئة محاكاة سكن Mars Dune Alpha في مركز جونسون بهيوستن، والمخصصة لإجراء تجارب سنة كاملة على جماعات محاكاة لاستيعاب ظروف الحياة على المريخ.
يُعدّ هذا المقر الثلاثي الأبعاد، المصمم بالتعاون مع وكالات هندسية، محاكاة لتحديات العزل والجاذبية المنخفضة وقيود الإمداد، ما يمكّن الباحثين من تقييم جاهزية الإنسان والتقنيات المطلوبة للعيش على الكوكب الأحمر.
نموذج «مارس دون ألفا» ثلاثي الأبعاد
طوّرت شركة ICON بالتعاون مع Foster + Partners نموذجاً تابعاً لبيئة Mars Dune Alpha، يشتمل على غرف متعددة وصالة رياضية، وهو مصمم بالطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام مواد قائمة على موارد المريخ المحتملة.
يعكس هذا المشروع تطور استخدام التصنيع الإضافي في تصميم البنى التحتية المستقبلية على المريخ، بهدف تقليل الاعتماد على نقل المواد من الأرض.
التحديات والآفاق المستقبلية
التحديات التقنية والبيئية
رغم التقدّم الملحوظ، تواجه جهود استعمار المريخ عقبات تقنية تشمل ضمان إعادة الاستخدام الفعّال للصواريخ، والحماية من الإشعاع الفضائي، وإدارة الإمدادات الحيوية من الماء والأكسجين على سطح الكوكب الأحمر .
كما يبرز الجانب البيئي، حيث تثير زيادة نشاط الإطلاق مخاۏف أهلية وبيئية حول التأثير على التنوع البيولوجي في المناطق الساحلية حول مواقع الإطلاق والهبوط .
نظرة مستقبلية
يتوقع الخبراء إمكانية هبوط أول رواد فضاء بين عامَي 2029 و2031 عبر تعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، مع استمرار تطوير تقنيات استغلال الموارد المحلية (ISRU) لإنتاج الوقود والأكسجين على المريخ.
في ضوء هذه المبادرات المتسارعة، قد يصبح الاستقرار البشري على الكوكب الأحمر حقيقة قابلة للتحقق قبل منتصف القرن، فتتأسس أولى المستعمرات التجريبية التي تؤسس لمسيرة طويلة الأمد للبشر في الفضاء.
