دراسة وطنية لقياس فقد وهدر الغذاء في الإمارات

موقع أيام نيوز

دراسة وطنية شاملة لقياس فقد وهدر الغذاء في دولة الإمارات العربية المتحدة

تُعد مشكلة فقدان وهدر الغذاء من القضايا العالمية الملحة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي، والاقتصاد الوطني، واستدامة الموارد الطبيعية. وفي ظل التحديات المتزايدة المتعلقة بتغير المناخ، وزيادة عدد السكان، وارتفاع الطلب على الغذاء، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا دراسة وطنية شمولية تهدف إلى قياس مدى فقدان وهدر الغذاء على مستوى جميع مراحل السلسلة الغذائية، وذلك بهدف تعزيز الكفاءة وتقليل البصمة البيئية.

أهمية هذه الدراسة في سياق الدولة

تأتي هذه المبادرة كجزء من الرؤية الاستراتيجية للدولة التي تسعى نحو بناء اقتصاد مستدام ومتنوع، وتقوية قطاع الزراعة والأمن الغذائي. كما تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وخاصة الهدف الثاني عشر الذي يركز على ضمان أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة. بالإضافة إلى ذلك، تندرج الدراسة ضمن خطة "البرنامج الوطني للابتكار" الذي يسهم في دفع عجلة التحول نحو نموذج اقتصادي قائم على المعرفة والتكنولوجيا.

أهداف الدراسة الوطنية

تسعى الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العلمية والعملية تشمل:

  • قياس معدلات فقد وهدر الغذاء في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، بدءًا من الزراعة وانتهاءً بالاستهلاك المنزلي.
  • تحديد الأسباب الحقيقية وراء هذا الهدر، سواء كانت تقنية أو لوجستية أو سلوكية.
  • تقييم الأثر الاقتصادي والبيئي والاجتماعي الناتج عن هدر الغذاء.
  • وضع توصيات واضحة يمكن أن تسهم في تصميم سياسات فعالة ومبادرات عملية تحد من المشكلة.

مراحل تنفيذ الدراسة وشركاء النجاح

نفذت الدراسة بالتعاون بين عدد من الجهات المعنية مثل وزارة التغير المناخي والبيئة ، وهيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس (ESMA)، وجامعات بحثية متخصصة، إضافة إلى مراكز أبحاث رائدة. وقد شملت المنهجية المتبعة جمع بيانات ميدانية من مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة، والتخزين، والنقل، والموزعين، والمستهلكين النهائيين.

وقد تم استخدام أدوات تكنولوجية حديثة مثل أنظمة تتبع المنتجات الرقمية، وتحليل البيانات الضخمة، والتطبيقات الذكية ، بالإضافة إلى إجراء استبيانات موسعة ومقابلات مع الخبراء وأصحاب القرار في القطاع الغذائي.

نتائج أولية ومؤشرات مهمة

أظهرت النتائج الأولية للدراسة أن نسبة هدر الغذاء في الدولة تصل إلى مستويات مقلقّة، خاصة في قطاعات البيع بالتجزئة والاستهلاك المنزلي ، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن ما بين 30% إلى 40% من الطعام يتم التخلص منه دون استهلاكه. كما بيّنت الدراسة أن هناك فرصاً كبيرة لتحسين كفاءة عمليات التخزين والتبريد ، وتقليل الفاقد خلال عمليات الحصاد والنقل ، وتعزيز إعادة تدوير المخلفات الغذائية عبر مبادرات مستدامة.

التحديات التي تواجه الدراسة

رغم الجهود الكبيرة التي بُذلت، واجهت الدراسة عدة تحديات من أبرزها:

  • نقص البيانات الدقيقة في بعض القطاعات، خاصة الصغيرة منها مثل المزارع الصغيرة أو المحلات التجارية المحلية.
  • اختلاف أساليب جمع البيانات بين الجهات المختلفة، مما يجعل من الصعب توحيد المؤشرات.
  • قلة الوعي المجتمعي حول أهمية تقليل هدر الغذاء، وهو ما يستدعي تدخلات توعوية فعالة.

التوصيات والحلول المقترحة

بناءً على النتائج التي خرجت بها الدراسة، تم تقديم عدد من التوصيات العملية التي يمكن أن تساهم في تحسين إدارة الغذاء وتقليل الهدر، ومن أبرزها:

  1. تعزيز التشريعات الوطنية الخاصة بإدارة النفايات الغذائية، وتشجيع إعادة الاستخدام والتدوير.
  2. نشر الحملات التوعوية المجتمعية لتغيير أنماط الاستهلاك وتحفيز الأفراد على ترشيد استهلاك الغذاء.
  3. دعم الابتكار التكنولوجي في مجال تخزين ونقل المواد الغذائية، مثل استخدام أنظمة التبريد الذكية وتقنيات الحفاظ على الجودة.
  4. تعزيز الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص لتطوير برامج ومبادرات تحد من هدر الغذاء.
  5. إنشاء منصات رقمية للتبرع بالطعام غير المستهلك ، بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني.

ختامًا

تمثل هذه الدراسة الوطنية خطوة محورية في مسار دولة الإمارات نحو تعزيز الأمن الغذائي وبناء مجتمع مستدام بيئيًا واقتصاديًا. وستكون البيانات والمؤشرات الناتجة عنها بمثابة مرشد استراتيجي لصناع القرار، وداعم حقيقي لتحقيق رؤية الإمارات 2071 التي تسعى نحو اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والاستدامة. وبفضل القيادة الحكيمة والإرادة السياسية، تثبت دولة الإمارات مرة أخرى أنها في طليعة الدول التي تواجه التحديات العالمية بحلول علمية مدروسة، وشراكات استراتيجية فعالة.

تم نسخ الرابط