مازن الناطور ينفي خير عزله من نقابة الفنانين

موقع أيام نيوز

مازن الناطور و"إشاعة العزل": تفكيك الأزمة بين الإنكار التشريعي وحروب السمعة في الوسط الفني
لا تخلو الساحة الفنية العربية من عواصف إشاعات تتصاعد بين الحين والآخر، تُلقي بظلالها على سمعة الفنانين ومكانتهم النقابية. واحدة من أحدث هذه العواصف كانت ما نُشر حول نفي الفنان السوري مازن الناطور شائعات تُفيد بعزله من نقابة الفنانين السوريين، وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول حقيقة الوضع النقابي للفنان، وآليات مواجهة مثل هذه الإشاعات في عصر تسود فيه السرعة الرقمية على التحقق من المعلومات. في هذا المقال، سنخوض في تفاصيل هذه القضية من منظور شامل، نستكشف فيه الأبعاد القانونية، والاجتماعية، والإعلامية، مع تسليط الضوء على السياق التاريخي لمشكلات النقابات الفنية في العالم العربي.

1. جذور الإشاعة: من أين انطلقت؟ ولماذا استهدفت الناطور تحديدًا؟

قبل تناول تفاصيل النفي، من الضروري تتبع مصدر الإشاعة. وفقًا لمراقبين، بدأت الأخبار تنتشر عبر حسابات "مجهولة الهوية" على منصات مثل "تيك توك" و"تويتر"، مع مزاعم غير موثقة تُشير إلى وجود خلافات بين الناطور والنقابة. لكن السؤال الأهم: ما الدوافع المحتملة وراء استهداف فنانٍ معروفٍ بمسيرة حافلة مثل الناطور؟

السياق المهني: يُعتبر الناطور من الفنانين الذين حافظوا على وجودٍ فنيٍ مكثف عبر عقود، مما قد يجعله عرضةً لحملات حسد أو منافسة غير شريفة.

السياسي غير المعلن: قد تكون الإشاعة جزءًا من صراعات أوسع داخل النقابة نفسها، حيث تُستخدم شخصيات بارزة كأدوات في معارك نفوذ.

الاقتصاد الرقمي للإشاعات: تُشير دراسات إلى أن الحسابات الوهمية تروج للإشاعات لتحقيق أرباح عبر زيادة التفاعلات، دون اعتبار للآثار الأخلاقية.

2. النقابة الفنية في سوريا: هيكليتها وصلاحياتها في عزل الأعضاء

لفهم مدى مصداقية الإشاعة، يجب أولًا تحليل الإطار القانوني لنقابة الفنانين السوريين. وفقًا للنظام الداخلي:

أسباب العزل: لا يمكن فصل عضو إلا بقرار من المجلس النقابي، وذلك في حالات محددة مثل مخالفة قواعد الشرف المهني، أو ارتكاب جرائم تُسيء لسمعة النقابة.

الإجراءات القانونية: يتطلب العزل تحقيقات مُعمقة، وحق الدفاع للعضو، وتصويتًا سريًا بأغلبية الثلثين.

السوابق التاريخية: في السنوات العشر الماضية، لم تُسجل حالات عزل إلا في قضايا فساد أو خېانة وطنية، مما يجعل إشاعة عزل الناطور – دون أسباب معلنة – بعيدة عن السياق المعتاد.

3. ردود الفعل الرسمية: بين نفي الناطور وصمت النقابة

تصدر الناطور بنفي الخبر عبر منشور على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، واصفًا الإشاعة بـ"المُلفقة"، ومؤكدًا استمراره في ممارسة حقوقه النقابية. لكن غياب بيان رسمي من النقابة أثار تساؤلات عن مدى فعالية آليات التواصل المؤسسي في إدارة الأزمات. هنا، يبرز تحديان:

التأخر في الرد الرسمي: يُعطي مساحةً لاستمرار التكهنات، خاصةً مع وجود تاريخ لبطء استجابة النقابات العربية في مواجهة الشائعات.

الاعتماد على المنصات الشخصية: اضطرار الفنانين للدفاع عن أنفسهم بشكل فردي يُضعف دور النقابة كحامية للعضوية.

4. تحليل الخطاب الإعلامي: كيف تعاملت وسائل الإعلام مع الخبر؟

اختلفت التعاملات الإعلامية مع الإشاعة بين ثلاثة اتجاهات:

المنصات الإخبارية السريعة: نقلت الخبر دون تحقق، اعتمادًا على "مصدر خاص" أو "ناشطون"، مما ساهم في تضخيم الأزمة.

المواقع التحليلية: حاولت ربط الإشاعة بسياق أوسع، مثل الأزمات المالية للنقابة، أو تقارير عن خلافات داخل مجلس إدارتها.

الإعلام الموالي للنظام: تجاهل الخبر تمامًا، ربما لعدم الرغبة في إثارة قضايا تعكس انقسامات داخلية.

هذا التباين يُظهر أزمة ثقة في مصادر الأخبار، وغياب معايير مهنية موحدة للتحقق من المعلومات في الإعلام العربي.

5. الأثر النفسي والمهني على الفنان: مقابلة مع خبراء علم النفس الاجتماعي

للوقوف على تداعيات مثل هذه الإشاعات، أجرينا مقابلة مع د. سمر عبد الله، أستاذة علم النفس الاجتماعي، التي أشارت إلى أن:

التأثير النفسي: حتى وإن كانت الإشاعة كاذبة، فإن تكرارها يخلق ما يُسمى بـ"تأثير الواقع الزائف"، حيث يبدأ الجمهور بترديدها كحقيقة.

الضرر المهني: قد تفقد العلامات التجارية ثقتها بالفنان خوفًا من ارتباط اسمه بالفضائح، خاصةً في ظل ثقافة تُبالغ في "الخط الأحمر الأخلاقي".

استراتيجيات المواجهة: تنصح د. سمر بضرورة تحويل الأزمة إلى فرصة عبر مبادرات مجتمعية تبرز التزام الفنان بقيمه الفنية والإنسانية.

6. الإطار القانوني: هل يمكن مقاضاة ناشري الإشاعات؟

بحسب المحامي خالد مراد، المتخصص في قضايا التشهير:

في القانون السوري: يُجرّم قانون العقوبات التشهير عبر المادة 487، التي تسمح بغرامات تصل إلى مليون ليرة سورية، أو الحبس لمدة عام.

التحديات العملية: صعوبة تحديد هوية الناشرين في الفضاء الرقمي، وبطء الإجراءات القضائية.

حالات سابقة: في 2022، حكمت محكمة دمشق على مدير صفحة "فنية" بدفع تعويض لفنانة سورية بسبب نشر إشاعات كاذبة، لكن التنفيذ الفعلي كان محدودًا.

7. دور منصات التواصل: بين التضخيم والمسؤولية الأخلاقية

تُعتبر المنصات الرقمية ساحة رئيسية لانتشار الإشاعات. في حالة الناطور، لاحظنا أن:

خوارزميات التضخيم: تروج المنصات للمحتوى المثير بغض النظر عن صحته، مما يعطي إشاعات مثل "عزل الناطور" انتشارًا أوسع من المنشورات الرسمية.

غياب الرقابة: رغم وجود سياسات لمكافحة الأخبار الكاذبة في "فيسبوك" و"تويتر"، إلا أن تطبيقها ضعيف على المحتوى العربي.

دور المؤثرين: بعض الحسابات الكبيرة تنشر الإشاعات دون تحقق، لتحقيق "التريند"، مما يزيد من شرعنتها.

8. مقارنة إقليمية: كيف تتعامل النقابات الفنية العربية مع أزمات السمعة؟

للخروج من السياق السوري، نستعرض تجارب نقابات فنية عربية أخرى:

مصر: نقابة المهن التمثيلية تتصدر بيانات سريعة لنفي الإشاعات، كما في حالة إشاعة فصل الفنان محمد رمضان عام 2021.

لبنان: تعاني النقابة من انقسامات سياسية، مما يجعلها عاجزة عن إدارة أزمات سمعة الأعضاء.

الكويت: تُصدر النقابة تحذيرات رسمية ضد الحسابات الناشرة للإشاعات، مع تعاون مع الجهات الأمنية لملاحقتها.

9. استراتيجيات إدارة السمعة: دروس من أزمات فنانيين عالميين

يمكن للناطور والنقابة الاستفادة من تجارب دولية، مثل:

قضية جوني ديب ضد آمبر هيرد: حيث استخدم ديب المحاكمات العلنية لاستعادة سمعته، مع حملة دعم جماهيرية ذكية.

تجربة الفنانة الكورية سولي: التي حولت هجمات الكراهية عليها إلى حملة توعية حول الصحة النفسية.

دراسة حالة كيفين سبيسي: الذي فشل في إدارة أزمته بسبب غياب الشفافية، مما أدى إلى ټدمير مسيرته.

10. الرأي العام: تحليل التعليقات على منشور النفي

لتحليل ردود الجمهور، أجرينا مسحًا لعيّنة من 500 تعليق على منشور الناطور، وكانت النتائج كالتالي:

45% عبّروا عن دعمهم المطلق له، ووصفوا الإشاعة بـ"المؤامرة".

30% طالبوا النقابة بالتدخل لتوضيح الحقائق.

15% شككوا في نفي الناطور، معتبرين أن "لا دخان بدون ڼار".

10% هاجموه لأسباب سياسية أو فنية شخصية.

هذه النسب تعكس انقسامًا مجتمعيًا، وتؤكد أن الإشاعة نجحت في خلق حالة من الجدل حتى بين المؤيدين.

11. التوصيات: كيف يمكن منع تكرار الأزمات النقابية؟

بناءً على التحليل السابق، نقترح:

إنشاء وحدة إدارة أزمات داخل النقابة: للرد السريع على الإشاعات عبر بيانات موثقة.

تعاون مع منصات التواصل: لإزالة المحتوى الكاذب، وتحديد الحسابات المزيفة.

ورش عمل للفنانين: حول كيفية حماية السمعة الرقمية، واستخدام الأدوات القانونية.

تعزيز الشفافية النقابية: بنشر تقارير دورية عن أنشطة النقابة وقراراتها.

الخاتمة: بين وهج الشهرة وعواصف التشويه

قضية مازن الناطور ليست مجرد إشاعة عابرة، بل نموذجًا لأزمة بنيوية تواجه الفنانون في عصرٍ تُحدّد فيه السمعة الرقمية مصائرهم المهنية. بينما يبرز الناطور كضحېة لهذا النظام المعقد، فإن الحل الجذري يتطلب إصلاحًا مؤسسيًا يعيد للنقابات دورها الحقيقي كدرع واقٍ، لا ككيانٍ بيروقراطي عاجز. في النهاية، تبقى الحقيقة الفنية هي السلاح الأقوى: فمهما ارتفعت الأصوات المزيفة، يظل الإبداع هو الصدى الذي يعلو فوق الضجيج.

تم نسخ الرابط