الـCIA تطلق حملة تجنيد لمسؤولي الصين

موقع أيام نيوز

الـCIA تطلق حملة تجنيد لمسؤولي الصين: محاولات اختراق النظام الصيني عبر وسائل رقمية حديثة

في خطوة غير تقليدية، أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) حملة تجنيد تهدف إلى استقطاب المسؤولين الصينيين الذين يشعرون بالإحباط من سياسات الحزب الشيوعي الحاكم. تأتي هذه الحملة في وقت حرج يعكف فيه النظام الصيني على تعزيز قبضته السياسية والاقتصادية، وهو ما يفتح الباب أمام الـCIA للحصول على معلومات استراتيجية حيوية حول الاقتصاد الصيني، وأمنه القومي، وقدراته العسكرية، في ظل سعي بكين المستمر لتحقيق نفوذ عالمي متزايد.

أهداف الحملة: استقطاب الساخطين على النظام

تستهدف حملة الـCIA المسؤولين الصينيين الذين يشعرون بالإحباط من سياسات الحزب الشيوعي، وخاصة تلك المرتبطة بحملة مكافحة الفساد التي يقودها الرئيس شي جين بينغ. هذه الحملة الواسعة تهدف إلى تطهير مؤسسات الدولة من الفساد، إلا أنها أسفرت عن إقصاء العديد من المسؤولين المقربين من دوائر السلطة، مما أدى إلى خلق حالة من الاستياء والقلق داخل أروقة الحزب.

الـCIA تسعى للاستفادة من هذه المشاعر السلبية عبر استقطاب الأشخاص الذين يمتلكون معلومات حساسة حول الاقتصاد الصيني، واستراتيجيات الأمن القومي، والتطورات التكنولوجية، فضلاً عن القدرات العسكرية التي تسعى الصين لتعزيزها في إطار سعيها لفرض هيمنتها عالميًا.

أدوات الحملة: الفيديوهات الرقمية كوسيلة تجنيد

من أبرز أدوات الحملة التي اعتمدت عليها الـCIA هي مقاطع الفيديو التي تم نشرها باللغة الصينية على الإنترنت. تحت عناوين مثل  لماذا تواصلت مع الـCIA: لأتحكم في مصيري  و لماذا تواصلت مع الـCIA: لحياة أفضل ، تعرض هذه الفيديوهات تجارب لعدد من المسؤولين الصينيين الذين يعبرون عن استيائهم من الوضع الراهن، ويشرحون كيف قرروا التعاون مع الوكالة الأمريكية.

هذه الفيديوهات تهدف إلى تصوير الـCIA كوكالة تتيح للأفراد فرصة لتحسين حياتهم بعيدًا عن القيود التي يفرضها النظام الصيني. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الفيديوهات إرشادات حول كيفية الاتصال بالـCIA بشكل آمن، باستخدام الشبكة المظلمة (Dark Web) أو شبكات VPN موثوقة، مع تحذيرات من استخدام خدمات الإنترنت التي تدار من دول لا تربطها علاقات صداقة مع الولايات المتحدة.

إحصائيات الحملة ونتائجها الأولية

وفقًا لتقارير إعلامية، حققت الفيديوهات التي أُصدرت في إطار الحملة أكثر من 5 ملايين مشاهدة في غضون 24 ساعة فقط من نشرها، ما يعكس الاهتمام الكبير بها رغم القيود الصارمة التي تفرضها الحكومة الصينية على الإنترنت. ورغم الرقابة المفرطة التي تمارسها الصين على وسائل الإعلام ومنصات الإنترنت، يبدو أن هذه الفيديوهات قد تمكنت من الوصول إلى أعداد كبيرة من الأشخاص داخل الصين، مما يثير تساؤلات حول قدرة النظام الصيني على منع اختراق هذه الوسائل.

التحديات التي تواجه الحملة

رغم الاهتمام الواسع بالحملة، تواجه الـCIA تحديات كبيرة على أكثر من صعيد. أولًا، يصعب على الوكالة الوصول إلى الجمهور المستهدف داخل الصين بسبب الرقابة الصارمة التي تفرضها الحكومة على الإنترنت ووسائل الإعلام. الصين تُعد واحدة من أكثر الدول فرضًا للرقابة على الإنترنت، مما يعيق عملية توزيع الفيديوهات ووسائل الاتصال مع الـCIA.

ثانيًا، تعقّدت الحملة بسبب الردود الرسمية التي أصدرتها الحكومة الصينية. حيث اتهمت السفارة الصينية في واشنطن الولايات المتحدة بشن  حملة تضليل منظمة ومنهجية  تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد. وأكدت الصين أن محاولات زرع الفتنة بين الشعب والحزب الشيوعي  محكوم عليها بالفشل ، في إشارة إلى استحالة نجاح مثل هذه الحملات في التأثير على الوضع الداخلي للصين.

خلفية تاريخية: بناء الشبكات الاستخباراتية

تأتي هذه الحملة في وقت حساس بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة بعد الحوادث السابقة التي أسفرت عن تفكيك شبكة تجسس أمريكية في الصين قبل أكثر من عقد. الحوادث تلك أدت إلى اعتقال وإعدام العديد من المتعاونين مع الاستخبارات الأمريكية، ما أسفر عن خسارة فادحة للـCIA في قدرتها على جمع المعلومات داخل الصين.

اليوم، تسعى وكالة الاستخبارات المركزية إلى إعادة بناء تلك الشبكات البشرية التي فقدتها في الماضي، الأمر الذي يتطلب استراتيجيات جديدة ومتطورة في مجال التجنيد. في ظل التقدم التكنولوجي السريع في الصين، يبدو أن لدى الـCIA فرصة لاستغلال هذه الوسائل الحديثة للوصول إلى مصادر معلومات جديدة.

الحملة ضمن استراتيجية أكبر

لا تقتصر الحملة الحالية على الصين فقط، بل تعد جزءًا من استراتيجية أوسع بدأتها الـCIA في أكتوبر 2024، والتي تشمل دولًا أخرى مثل إيران وكوريا الشمالية. تمثل هذه الحملة جزءًا من محاولات أوسع للـCIA لاستهداف دول ذات أنظمة سياسية مغلقة، وتقديم رسائل موجهة باللغة المحلية لتعليم الأفراد في هذه البلدان كيفية التواصل مع الوكالة بشكل آمن، مما يعكس تطور أساليب التجنيد الاستخباراتي في ظل عالم رقمي ومترابط.

خاتمة

تمثل حملة الـCIA الحالية تحولًا كبيرًا في أساليب التجنيد الاستخباراتي التقليدية. إذ تستفيد الوكالة من الوسائل الرقمية الحديثة لتجاوز الرقابة الصارمة التي تفرضها الأنظمة الاستبدادية، مثل النظام الصيني. ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه الحملة، بما في ذلك الرقابة الإلكترونية والردود السياسية الصينية القوية، فإن هذه المبادرة تعكس تصميم الولايات المتحدة على مواجهة التوسع الصيني المتزايد في شتى المجالات، والعمل على تعزيز قدراتها الاستخباراتية البشرية لمواكبة هذه التحديات.

على الرغم من محاولات الصين للتصدي لهذه الحملة، يبدو أن الـCIA نجحت في لفت الأنظار إلى التحديات التي قد تواجهها بكين في الداخل، وهو ما قد يؤثر على النظام السياسي والاقتصادي في المستقبل.

تم نسخ الرابط