الإمارات واليونان: تعزيز الشراكة الاستراتيجية وصندوق الاستثمار المشترك

الإمارات واليونان: شراكة استراتيجية متنامية وصندوق استثماري يعزز آفاق التعاون الاقتصادي

في خطوة جديدة تؤكد عمق العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية اليونان، أعلنت الدولتان عن تعزيز شراكتهما الاستراتيجية متعددة الأوجه، مع تفعيل دور صندوق الاستثمار المشترك الذي تبلغ قيمته 4 مليارات يورو، كمحور رئيسي للتعاون الاقتصادي بين الجانبين. وتأتي هذه الخطوة في إطار حرص البلدين على ترسيخ دعائم التنمية المستدامة، وتوسيع نطاق الاستثمارات المتبادلة في قطاعات حيوية واعدة.

زيارة رفيعة المستوى تؤسس لمرحلة جديدة

شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي زيارة رسمية قام بها رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، حيث التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات. وتم خلال اللقاء بحث سبل تعميق التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري، بما يعكس تطابق الرؤى في ملفات إقليمية ودولية، إلى جانب تأكيد التزام البلدين بالعمل المشترك لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط.

وقد وُصف اللقاء بأنه نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية، خاصة في ظل توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تغطي مجالات الطاقة المتجددة، والأمن الغذائي، والسياحة، والتكنولوجيا، والدفاع.

صندوق استثماري مشترك: رافعة للتنمية والتكامل

واحدة من أبرز ثمار هذه الشراكة، هو الصندوق الاستثماري المشترك الذي أُعلن عنه في وقت سابق وتمت إعادة تأكيده خلال هذه الزيارة. الصندوق الذي تديره القابضة (ADQ) من الجانب الإماراتي وصندوق تعافي الاقتصاد اليوناني (Hellenic Development Bank of Investments) من الجانب اليوناني، يهدف إلى استثمار 4 مليارات يورو في مشاريع استراتيجية في اليونان، خاصة في قطاعات البنية التحتية، والطاقة، والصناعات المتقدمة، والتحول الرقمي.

وقال مسؤولون إماراتيون إن هذا الصندوق يمثل منصة مثالية لتعزيز الاستثمار الثنائي، ويدعم أهداف الإمارات في التوسع عالميًا في الأسواق ذات النمو السريع والموقع الجغرافي الحيوي، فيما ترى اليونان أن الشراكة مع الإمارات تسهم في تعزيز استقرار اقتصادها وتحقيق تعافٍ قوي بعد سنوات من الأزمات المالية.

آفاق أوسع للطاقة المتجددة والتكنولوجيا

من بين أبرز الملفات التي حازت اهتمامًا خاصًا في هذه الشراكة، ملف الطاقة المتجددة. حيث أعرب الجانبان عن رغبتهما في التعاون بمجالات الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية والرياح، بما يتماشى مع التزامات الإمارات بالحياد الكربوني وخطط اليونان للتحول إلى مصادر طاقة مستدامة.

كما تناولت المباحثات مجالات الابتكار والتحول الرقمي، حيث تسعى الإمارات إلى نقل خبراتها في مجال المدن الذكية والذكاء الاصطناعي، بينما ترغب اليونان في تطوير بنيتها الرقمية بما يدعم الاقتصاد الوطني ويجذب الاستثمارات الأجنبية.

العلاقات السياسية والدفاعية: تنسيق متواصل

سياسيًا، أظهرت المباحثات تطابقًا في وجهات النظر تجاه العديد من القضايا الدولية، لا سيما الأوضاع في الشرق الأوسط، وملف الأمن في شرق البحر المتوسط. كما شددت الإمارات واليونان على أهمية احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتعزيز الحلول السلمية للنزاعات.

وفي الجانب الدفاعي، أبدى الطرفان اهتمامًا بتطوير التعاون العسكري وتبادل الخبرات في مجالات الأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب، استنادًا إلى اتفاقيات التعاون الدفاعي السابقة بين البلدين.

رؤية استراتيجية لعقد قادم من الشراكة

تجمع الإمارات واليونان رؤية استراتيجية مشتركة ترتكز على مفاهيم التنمية المستدامة، والتعاون الإقليمي، والانفتاح الاقتصادي، وهو ما ينعكس في طبيعة الاتفاقيات التي تم توقيعها، والمشاريع التي يعتزم الجانبان تنفيذها خلال السنوات المقبلة.

ويرى مراقبون أن هذه العلاقة المتنامية تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون بين دول من منطقتين جغرافيتين مختلفتين، استطاعتا بناء جسور متينة من الثقة والمصالح المتبادلة، في وقت يشهد فيه العالم تحديات اقتصادية وجيوسياسية متصاعدة.

 من شراكة تقليدية إلى تحالف استراتيجي

لقد انتقلت العلاقات بين الإمارات واليونان من شراكة تقليدية تقوم على التعاون الدبلوماسي، إلى تحالف استراتيجي شامل يجمع بين السياسة والاقتصاد، الطاقة والدفاع، الثقافة والسياحة. ومع استمرار تفعيل أدوات الاستثمار المشترك، وفتح آفاق جديدة للتعاون، فإن مستقبل هذه الشراكة يبدو واعدًا وأكثر تأثيرًا في الإقليم وخارجه.