أولمبياد باريس 2024 يستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية الرياضيين

موقع أيام نيوز

مقدمة: ثورة تكنولوجية في قلب الأولمبياد

مع انطلاق أولمبياد باريس 2024 في 26 يوليو، لا تُعد هذه الدورة مجرد منافسة رياضية عابرة للحدود، بل تمثل علامة فارقة في تاريخ الألعاب الأولمبية. فباريس، مدينة النور، تخطو بثقة نحو مستقبل تُعيد فيه تعريف "سلامة الرياضيين" من خلال توظيف غير مسبوق لتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI).
من أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء إلى أنظمة المراقبة التي تُحلل 10,000 صورة في الثانية، يشهد الأولمبياد تحولًا رقميًا يهدف إلى حماية الرياضيين من الإصابات، والمنشطات، وحتى تقلبات الطقس. فكيف تُعيد باريس 2024 كتابة قواعد الأمن الرياضي؟

1. الذكاء الاصطناعي و"الأولمبياد الأخضر": حماية الرياضيين والكوكب معًا

لم تكتفِ باريس 2024 بتبني مفهوم الاستدامة عبر خفض البصمة الكربونية بنسبة 55%، بل دمجته مع الابتكار التكنولوجي.
فأنظمة التبريد الذكية في الملاعب، التي تعتمد على خوارزميات تُحاكي تدفق الهواء، ساهمت في تقليل استهلاك الطاقة. كما تُستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي لتحسين مسارات نقل الرياضيين، مما أدى إلى تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن تنقلاتهم بنسبة 20%، وفقًا للجنة المنظمة.

2. من التدريب إلى المنصة: أجهزة ترصد كل نبضة

سيستخدم 85% من الرياضيين (من أصل 10,500 مشارك) أجهزة استشعار ذكية (Wearables) تُثبت على الجلد أو الملابس الرياضية.
وقد طورت هذه الأجهزة شركات ناشئة فرنسية بالتعاون مع مايكروسوفت، وهي تراقب مؤشرات حيوية مثل:

معدل ضربات القلب

درجة حرارة العضلات

مستوى ترطيب الجسم

وأسفرت التجارب الأولية عن خفض الإصابات بنسبة 30% خلال التدريبات، كما تُنذر الفرق الطبية فورًا عند اكتشاف أي خلل يُهدد صحة الرياضي.

3. عيون آلية تراقب الجمهور: بين الأمن والخصوصية

في سابقة هي الأولى من نوعها، ستُعلق 3,000 كاميرا ذكية في الملاعب ومحيط الفعاليات، مزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التحليلي من شركة فيدوسيف الفرنسية.
تتمتع هذه الكاميرات بقدرة على:

تحليل 10,000 صورة/ثانية

رصد السلوكيات المشپوهة (مثل الحشود المندفعة أو الحقائب المهملة)

توجيه فرق الأمن إلى بؤر التوتر خلال أقل من 3 ثوانٍ

لكن هذه الخطوة أثارت جدلًا حول مدى توافقها مع حقوق الخصوصية، لا سيما مع استخدام تقنيات التعرف على الوجوه، والتي التزمت اللجنة الأولمبية بحصر استخدامها في المناطق العامة فقط.

4. مستقبل مكافحة المنشطات: الذكاء الاصطناعي "الشرطي الخفي"

بالشراكة مع الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (ITA)، ستُجرى في باريس 2024 اختبارات قياسية على 45,000 عينة من الډم والبول، باستخدام خوارزميات ذكاء اصطناعي تحلل الأنماط البيولوجية للرياضيين.
تركز هذه الخوارزميات على:

التغيرات غير الطبيعية في مستوى الهيموغلوبين

آثار المواد الكيميائية المحفّزة المُتنكرة في هيئة فيتامينات

وقد نجحت التقنية في الكشف عن 17 حالة منشطات خلال التجارب الأولية، وفقًا لتقرير الوكالة الصادر في يونيو 2023.

5. بين الحرارة والرطوبة: إنقاذ الرياضيين من "فرن باريس"

مع توقعات بارتفاع درجات الحرارة إلى 35° مئوية صيف 2024، طوّرت اللجنة الأولمبية نماذج تنبؤ جوي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعديل جداول الفعاليات.
فعلى سبيل المثال:

قد تُؤجَّل مسابقات الماراثون إلى فترات المساء

سيحصل الرياضيون على توصيات مخصصة لترطيب أجسامهم بناءً على بيانات الطقس اللحظية

6. الخصوصية في عصر البيانات الضخمة: هل تُسرّب أسرار الرياضيين؟

يواجه المنظمون تحديًا ضخمًا في معالجة 1 تيرابايت يوميًا من بيانات الرياضيين، مثل تسجيلات الكاميرات ونتائج أجهزة الاستشعار.
ولضمان الامتثال لـلوائح GDPR الأوروبية، تعاونت باريس مع:

شركة أتوس: لتشفير البيانات وتخزينها في خوادم محلية

مايكروسوفت: لإنشاء منصات تحليل مغلقة لا تُشارك المعلومات مع أطراف خارجية

7. من باريس إلى العالم: إرث تكنولوجي يُعيد تشكيل الرياضة

ما إن تُطوى صفحة أولمبياد 2024، حتى تبدأ الأسئلة: هل ستتبنّى الدورات الأولمبية القادمة هذه التقنيات؟
تشير المؤشرات إلى أن أنظمة مثل:

المراقبة الذكية للحشود

أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء
ستصبح معيارًا ذهبيًا في الأحداث الكبرى، خاصة بعد انخفاض تكاليفها بنسبة 40% منذ عام 2020، وفقًا لتقرير الاتحاد الدولي للتكنولوجيا الرياضية.

التحديات: عندما تتعثر الآلة

رغم الابتكارات، تواجه باريس 2024 انتقادات، أبرزها:

التحيز الخوارزمي: إذ قد تُخطئ أنظمة الذكاء الاصطناعي في تفسير سلوكيات الجمهور من خلفيات ثقافية متنوعة

إرهاق الرياضيين: حيث إن المراقبة اللحظية للبيانات قد تُفاقم الضغط النفسي على المشاركين

الختام: أولمبياد يستشرف المستقبل

أولمبياد باريس 2024 ليس مجرد حدث رياضي، بل مختبر حي لتقنيات ستُغيّر مفهوم الأمن والصحة في الرياضة. وبينما تتألق العقول الاصطناعية في أداء دور "الحارس والصديق"، تبقى المعادلة الأصعب: كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار والقيم الإنسانية التي تأسست عليها الألعاب الأولمبية منذ قرون.

تم نسخ الرابط