متحف اللوفر يقدم تجربة الواقع المعزز للأعمال المصرية القديمة

موقع أيام نيوز

اللوفر يدخل عصر الواقع المعزز: تجربة رقمية جديدة تعيد الحياة إلى الحضارة المصرية القديمة

باريس – في خطوة غير مسبوقة تعكس التقاء التاريخ العريق بالتكنولوجيا المتقدمة، أعلن متحف اللوفر في باريس عن إطلاق تجربة جديدة للواقع المعزز (Augmented Reality) تتيح للزوار التفاعل مع مجموعة من أبرز الكنوز الأثرية المصرية القديمة، ضمن مبادرة تهدف إلى إعادة سرد التاريخ بطريقة مبتكرة وجذابة للأجيال الجديدة.

نقلة نوعية في عرض التراث

تُعد هذه التجربة الرقمية الجديدة واحدة من أهم التطورات التي يشهدها قسم الآثار المصرية في اللوفر منذ سنوات. فمن خلال استخدام تطبيقات الواقع المعزز على الهواتف الذكية أو أجهزة اللوح الإلكترونية الخاصة بالزوار، يمكن الآن رؤية التماثيل والنقوش والمومياءات تتحرك وتتفاعل، بل وتروي قصصها بصوت وصورة، ما يمنح الزائر انغماساً كاملاً في عالم مصر القديمة.

ويقول القائمون على المشروع إن الهدف لا يقتصر على الإبهار البصري، بل يتعداه إلى تعزيز الفهم العميق للحضارة المصرية عبر أدوات تحاكي الحياة اليومية للمصريين القدماء، وتقدم خلفيات تاريخية بصيغ تفاعلية، مع الحفاظ على دقة المعلومات الأثرية.

 ما الذي يمكن أن يراه الزائر؟

عند دخول الجناح المصري، يستقبل الزوار تمثال ضخم لرمسيس الثاني، الذي يتحول بفضل الواقع المعزز إلى شخصية نابضة بالحياة، تتحرك وتتكلم بصوت مدبلج يعكس الحقبة التي عاش فيها، شارحاً إنجازاته العسكرية والمعمارية. يمكن للزائر أن يرى مشاهد معركة قادش تتجسد أمامه، أو يتعرف على أساليب الحكم والإدارة في عصر الدولة الحديثة.

ليس هذا فحسب، بل تشمل التجربة إعادة بناء مشاهد الحياة اليومية في مصر الفرعونية، مثل ورش النحت، والمدارس، وطقوس الډفن، وكلها تظهر بشكل ثلاثي الأبعاد عند توجيه الجهاز إلى القطعة الأثرية المناسبة.

وتتوفر الشروحات بعدة لغات، من بينها العربية والفرنسية والإنجليزية، ما يجعل التجربة شاملة ومفتوحة أمام جمهور دولي واسع.

 تعاون عالمي لتطوير التجربة

جاء تطوير هذه التقنية نتيجة تعاون بين متحف اللوفر وعدد من الشركات الفرنسية الناشئة في مجال تقنيات الواقع المعزز، إلى جانب خبراء آثار من الجامعات المصرية والفرنسية، لضمان الدقة التاريخية والمرجعية العلمية لكل تفصيلة تُعرض عبر التطبيق.

ويقول جان-لوك مارتان، مدير المشروع في قسم التطوير الرقمي باللوفر: "كنا حريصين على أن تكون التجربة متوازنة بين الجاذبية البصرية والدقة العلمية. استعنا بخبراء مصريات لضمان أن الحوارات والتفاصيل المروية تعكس حقائق تاريخية موثقة".

 استقبال إيجابي من الزوار والنقاد

منذ إطلاق التجربة بداية هذا الشهر، لاقت التجربة إقبالاً كبيراً من الزوار، خاصة من فئة الشباب والعائلات، حيث لاحظ المتحف زيادة بنسبة 25% في عدد زوار الجناح المصري مقارنة بالأشهر الماضية.

وقد أثنت وسائل الإعلام الثقافية على المبادرة، ووصفتها صحيفة Le Monde بأنها "إعادة تعريف لتجربة المتحف في العصر الرقمي"، في حين أشاد النقاد بإمكانية هذه التكنولوجيا في تجسير الفجوة بين الجيل الجديد والموروث الحضاري الإنساني.

 التعليم والمتعة في آنٍ واحد

من أبرز مميزات هذه التجربة أنها تجمع بين الترفيه والتعليم، حيث يمكن للطلبة والباحثين استخدام التطبيق لتجميع معلومات، أو الدخول في اختبارات تفاعلية داخل المتحف، ما يحوّل الزيارة إلى تجربة تعليمية متكاملة.

كما يمكن للزوار الاحتفاظ بلقطات من التجربة التفاعلية ومشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعزز من انتشار الفكرة ويوسّع نطاق تأثيرها الثقافي.

مستقبل التجربة الرقمية في المتاحف

يشير خبراء المتاحف إلى أن هذه الخطوة من اللوفر قد تشكل نقطة تحول في طريقة تفاعل الجمهور مع المقتنيات التاريخية، لا سيما في متاحف تضم مجموعات ضخمة مثل اللوفر، الذي يحتوي على أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مصر وحدها.

وقد أعلنت إدارة المتحف عن خطط مستقبلية لتوسيع التجربة لتشمل أقساماً أخرى مثل الحضارة اليونانية والرومانية، مع إضافة تقنيات الواقع الافتراضي (VR) مستقبلاً لتمكين الزائر من "الدخول" إلى المعابد والمقاپر كما كانت عليه قبل آلاف السنين.

يمثل إدخال الواقع المعزز إلى متحف اللوفر خطوة رائدة نحو دمج التقنية بالثقافة، حيث لا تقتصر فوائدها على الترفيه البصري فحسب، بل تشمل إعادة إحياء الذاكرة الإنسانية بطريقة تلائم العصر الرقمي. إنها دعوة جديدة لاستكشاف الماضي، ليس فقط من خلال النظر إليه، بل من خلال التفاعل معه.

تم نسخ الرابط