اليونسكو تدرج الزجل اللبناني ضمن التراث اللا مادي

اليونسكو تدرج الزجل اللبناني ضمن التراث اللامادي: تكريم عالمي لفن عربي أصيل
مقدمة: إنجاز ثقافي تاريخي للبنان والعالم العربي
في حدث ثقافي بارز، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في ديسمبر 2023 عن إدراج الزجل اللبناني ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. هذا القرار الذي جاء بعد سنوات من العمل الدؤوب، يمثل تتويجاً لجهود الحفاظ على هذا الفن الشعبي العريق الذي ظل حياً في الذاكرة الجمعية للبنان عبر القرون.
ما هو الزجل اللبناني؟ تعريف بفن الكلمة المرتجلة
الزجل، ذلك الفن الشعري الغنائي الفريد من نوعه، يعتبر أحد أبرز روافد الثقافة الشعبية اللبنانية وأكثرها حيوية. يعتمد هذا الفن على الإلقاء الارتجالي باللهجة اللبنانية الدارجة، ويتميز بعدة خصائص فنية تجعله فريداً بين الفنون الشعبية العربية:
خصائص فن الزجل:
الارتجال الشعري: حيث يبدع الزجالون قصائدهم في اللحظة نفسها
الحوار المنظوم: في ما يعرف بـ"المجالس الزجلية" أو "المناظرات الشعرية"
تنوع الموضوعات: من الغزل والعتاب إلى الحكمة والنقد الاجتماعي
الإيقاع الموسيقي: الذي يعتمد على وزن شعري خاص
رحلة التقديم إلى اليونسكو: ثلاث سنوات من العمل الدؤوب
لم يكن إدراج الزجل في قائمة اليونسكو عملية سهلة، بل تطلب جهداً مضنياً استمر لثلاث سنوات كاملة. قادت وزارة الثقافة اللبنانية هذه المبادرة بالتعاون مع خبراء التراث والمثقفين، حيث تم:
مراحل إعداد الملف:
التوثيق الميداني: جمع عشرات الساعات من التسجيلات الصوتية والمرئية
الدراسات الأكاديمية: إعداد بحوث علمية حول تاريخ الزجل وتطوره
التصنيف والتحليل: توثيق جميع عناصر الفن الزجلي
إعداد الملف النهائي: الذي قدم بشكل مشترك بين لبنان وسوريا
لماذا يعتبر هذا الإدراج مهماً؟
يأتي تسجيل الزجل في اليونسكو كحدث ثقافي بارز لعدة أسباب جوهرية:
أهمية الإدراج:
الحماية من الاندثار: في ظل التحديات التي تواجه التراث الشعبي
التعريف العالمي: بإرث لبنان الثقافي الثري
تشجيع الأجيال الجديدة: على تعلم هذا الفن والمحافظة عليه
تعزيز السياحة الثقافية: كعنصر جذب للباحثين عن الأصالة
الدعم المادي والمعنوي: من المنظمات الدولية
أعلام الزجل: من الرواد إلى المعاصرين
عبر تاريخه الطويل، برز العديد من الشعراء الذين أغنوا التراث الزجلي بإبداعاتهم:
الجيل التاريخي:
أسعد سعيد فخري (1885-1938): الملقب بـ"أمير الزجل"
طلال حيدر (1905-1985): صاحب المدارس الزجلية
الوجوه المعاصرة:
محمد حسين غازي: من أهم مجددي الزجل
زكي ناصيف: الذي أدخل تحديثات على الشكل التقليدي
التحديات المستقبلية: كيف نحافظ على الزجل بعد الإدراج؟
رغم الفرحة الكبيرة بهذا الإنجاز، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن تحويل هذا الاعتراف الدولي إلى حماية فعلية للزجل؟ هذا يتطلب:
خطوات عملية للحفاظ على الزجل:
إدراجه في المناهج التعليمية: لنقله للأجيال الجديدة
دعم الجمعيات الزجلية: مادياً ومعنوياً
تنظيم المهرجانات الدورية: لإبقائه حياً
التوثيق الرقمي: لحفظ التراث الزجلي
تشجيع البحوث الأكاديمية: لدراسة تطوره
ردود الفعل: من الفرحة إلى المسؤولية
أثار قرار اليونسكو ردود فعل إيجابية واسعة:
ردود الفعل الرسمية:
وزير الثقافة اللبناني: وصف القرار بـ"الإنجاز التاريخي"
المجتمع الثقافي: اعتبروه انتصاراً للهوية اللبنانية
آراء الخبراء:
د. ليال غندور (أستاذة التراث): "هذا القرار يحفظ للبنان جزءاً من روحه"
الشاعر زكي ناصيف: "المسؤولية الآن أكبر للحفاظ على أصالة الزجل"
الخاتمة: بداية فصل جديد لفن عريق
بعد قرون من العطاء، يحصل الزجل اللبناني على التكريم العالمي الذي يستحقه. لكن هذا الإدراج ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة من المسؤولية الجماعية تجاه هذا التراث الحي. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سنشهد نهضة زجلية جديدة في ظل هذا الاهتمام العالمي؟ الإجابة بين أيدي اللبنانيين والعرب جميعاً، بين حماة التراث ومحبيه