دواء للسكري والسمنة يفتح باب الأمل لعلاج مرض الكبد الدهني

موقع أيام نيوز

أمل جديد لمرضى الكبد الدهني: كيف تُحدث أدوية السكري والسمنة ثورة في العلاج؟

في العقد الأخير، أصبح مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) أحد أكثر الأمراض انتشاراً حول العالم، حيث يقدر الباحثون أن ربع سكان الكوكب يعانون منه بصورة أو بأخرى. وتكمن خطۏرة هذا المړض في صمته القاټل، حيث يتطور دون أعراض واضحة حتى يصل إلى مراحل متقدمة مثل التهاب الكبد الدهني (NASH) وتليف الكبد، مما ېهدد حياة الملايين. ولكن في ظل هذه التحديات، تبرز أدوية السكري والسمنة كبطل غير متوقع قد ينقذ الكبد من هذا المصير.

الكبد الدهني: الوباء الخفي الذي يتسلل بصمت

قبل الخوض في الحديث عن العلاجات الجديدة، من المهم فهم طبيعة هذا المړض الذي يوصف بـ"الوباء الصامت". يحدث الكبد الدهني عندما تتراكم الدهون الثلاثية في خلايا الكبد بنسبة تتجاوز 5% من وزنه، وهي حالة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بـ:

السمنة المفرطة (خاصةً دهون البطن)

مقاومة الإنسولين ومرض السكري النوع الثاني

ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية

متلازمة التمثيل الغذائي

والمقلق في الأمر أن 70-90% من مرضى السمنة والسكري يعانون من درجات متفاوتة من الكبد الدهني، وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية. ومع عدم وجود دواء معتمد حتى الآن لعلاج هذه الحالة، كان الأطباء يعتمدون على:

فقدان 7-10% من الوزن
حمية البحر الأبيض المتوسط
التمارين الهوائية المنتظمة
التحكم بمستويات السكر والدهون

المفاجأة السعيدة: أدوية السكري تحقق نتائج مذهلة للكبد

في السنوات القليلة الماضية، لاحظ الباحثون أن بعض أدوية السكري تُحدث تحسناً ملحوظاً في صحة الكبد، مما دفعهم لدراستها بدقة. ومن أبرز هذه الأدوية:

1. ناهضات مستقبلات GLP-1: الأمل الجديد

تشمل هذه المجموعة أدوية مثل:

سيماغلوتايد (أوزمبيك - Wegovy)

ليрагلوتايد (فيكتوزا - Saxenda)

دولاغلوتايد (تروليسيتي)

تعمل هذه الأدوية عن طريق:

تحفيز إفراز الإنسولين
تثبيط إفراز الجلوكاجون
إبطاء إفراغ المعدة
تقليل الشهية

ولكن الأهم من ذلك، أظهرت دراسة نشرت في مجلة "لانسيت" الطبية أن المرضى الذين تناولوا سيماغلوتايد لمدة 72 أسبوعاً شهدوا:

تراجعاً بنسبة 59% في التهاب الكبد الدهني

تحسناً ملحوظاً في تليف الكبد

انخفاضاً كبيراً في إنزيمات الكبد

2. مثبطات SGLT-2: الحل الذكي

تشمل هذه الفئة أدوية مثل:

إمباغليفلوزين (جارديانس)

داباغليفلوزين (فوركسيغا)

كاناغليفلوزين (إنفوكانا)

تعمل هذه الأدوية عبر منع إعادة امتصاص الجلوكوز في الكلى، مما يؤدي إلى:

خفض مستويات السكر في الډم
فقدان الوزن
خفض ضغط الډم

وفي دراسة أجريت على 100 مريض بالسكري والكبد الدهني، أدى استخدام إمباغليفلوزين لمدة 6 أشهر إلى:

انخفاض دهون الكبد بنسبة 32%

تحسن في مؤشرات التليف الكبدي

انخفاض مقاومة الإنسولين

3. تيرزيباتايد (Mounjaro): الثورة القادمة

هذا الدواء الجديد الذي يجمع بين تأثير GLP-1 وGIP أظهر نتائج مذهلة في:

خفض الوزن بنسبة تصل إلى 22%

تحسين التحكم في سكر الډم

تقليل دهون الكبد بنسبة 40%

وفي تجربة سريرية حديثة، حقق 85% من المرضى تحسناً كبيراً في حالة الكبد الدهني بعد عام من العلاج.

آلية عمل هذه الأدوية في حماية الكبد

لكن كيف تعمل هذه الأدوية على تحسين صحة الكبد؟ تشير الأبحاث إلى عدة آليات:

تقليل مقاومة الإنسولين التي تلعب دوراً رئيسياً في تراكم الدهون بالكبد

تعزيز حساسية الخلايا للأنسولين مما يحسن استقلاب الدهون

تقليل الالتهاب الجهازي الذي يساهم في تلف خلايا الكبد

تحفيز فقدان الوزن الذي يعتبر العامل الأهم في تحسين الكبد الدهني

تنشيط مسارات التمثيل الغذائي التي تساعد على حړق الدهون

التحديات والآفاق المستقبلية

رغم هذه النتائج المبشرة، تبقى هناك تحديات تواجه استخدام هذه الأدوية لعلاج الكبد الدهني:

ارتفاع التكلفة حيث تصل أسعار بعضها إلى 1000 دولار شهرياً
الحاجة لمزيد من الدراسات طويلة المدى
الآثار الجانبية مثل الغثيان والإسهال في البداية
عدم الموافقة الرسمية بعد لعلاج الكبد الدهني

لكن الخبر السار هو أن العديد من الشركات الدوائية الكبرى تعمل حالياً على تطوير أدوية خاصة بالكبد الدهني بناءً على هذه المركبات، ومن المتوقع أن تشهد السنوات القليلة المقبلة موافقات رسمية على أول علاج دوائي لهذا المړض.

نصائح عملية لحماية الكبد

بينما ننتظر هذه التطورات الطبية، يمكنك حماية كبدك عبر:

تجنب السكريات المضافة والمشروبات الغازية

زيادة تناول الألياف من الخضروات والفواكه

ممارسة الرياضة 150 دقيقة أسبوعياً

الابتعاد عن الدهون المتحولة في الأطعمة المصنعة

فحص الكبد دورياً خاصة إذا كنت تعاني من السمنة أو السكري

الخلاصة: مستقبل واعد بانتظار مرضى الكبد الدهني

بينما كان الكبد الدهني يعتبر حتى وقت قريب حالة مستعصية العلاج، فإن أدوية السكري والسمنة الجديدة تفتح باب الأمل لملايين المرضى حول العالم. مع تزايد الأدلة العلمية على فعالية هذه العقاقير، قد نكون على أعتاب ثورة حقيقية في علاج أمراض الكبد خلال العقد الحالي.

الأمر الذي يؤكده الخبراء هو أن الوقاية تبقى خير من قنطار علاج، لكن مع هذه التطورات الطبية، أصبح بإمكان مرضى الكبد الدهني النظر إلى المستقبل بتفاؤل أكبر، مع توقع أن تصبح العلاجات الفعالة متاحة على نطاق واسع قريباً.

تم نسخ الرابط