أثر الفنون على الصحة النفسية: استكشاف العلاقة بينهما

موقع أيام نيوز

أثر الفنون على الصحة النفسية: استكشاف العلاقة بينهما

في عصر تتزايد فيه الضغوط النفسية والتحديات اليومية، تبرز الحاجة إلى وسائل فعّالة تساعد الإنسان على التعبير عن نفسه، واستعادة توازنه النفسي، والتخفيف من حدة التوتر. ومن بين هذه الوسائل التي لطالما كانت مرتبطة بالإنسان عبر التاريخ، نجد الفنون بأنواعها المختلفة ، سواء كانت بصرية مثل الرسم والنحت، أو سمعية كالموسيقى، أو حتى فنون الأداء مثل المسرح والرقص. وقد أثبتت الدراسات والأبحاث الحديثة أن للفنون دورًا مهمًا في تعزيز الصحة النفسية ، بل واعتبرتها بعض المدارس العلاجية وسيلةً للتدخل النفسي والعلاج المجتمعي.

العلاقة بين الفن والصحة النفسية ليست جديدة، فهي علاقة قديمة تعود إلى جذور الحضارات الإنسانية، حيث كان الإنسان القديم يستخدم الرسم على الجدران للتواصل مع الآخرين ومع ذاته، وكان يعبر عن مخاوفه وأحلامه من خلال الإيقاعات والرقصات. لكن مع تطور العلوم النفسية والطبية، تم اكتشاف الآليات التي من خلالها يمكن للفن أن يؤثر بشكل مباشر على العقل والمشاعر.

أولاً، تساهم الفنون في تخفيف مستويات التوتر والقلق . عندما يمارس الشخص نشاطًا فنيًا، سواء بالرسم أو العزف الموسيقي أو الكتابة الشعرية، فإن ذلك يحفّز إفراز هرمونات السعادة مثل الدوبامين والسيروتونين، مما يُحسّن الحالة المزاجية ويقلل من الشعور بالضغط النفسي. كما أن التركيز في العمل الفني يُشبه نوعًا من التأمل الذهني الذي يعيد تنظيم أفكار الإنسان ويساعده على الهروب المؤقت من مشكلاته.

ثانيًا، تسهم الفنون في تعزيز الثقة بالنفس وتنمية شعور الإنجاز . فالإبداع الفني لا يتطلب دائمًا خبرة أو موهبة خاصة، بل هو انعكاس للذات والمشاعر الداخلية، وعندما ينجح الشخص في تجسيد ما يشعر به أو يفكر فيه بشكل بصري أو صوتي، فإنه يشعر بتحقيق ذاته، وهو أمر له تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية.

ثالثًا، تعد الفنون وسيلة فعّالة للتعبير عن المشاعر الصعبة أو المعقدة التي يصعب توصيلها بالكلمات. الأطفال والشباب والبالغون على حدٍ سواء، قد يجدون صعوبة في التحدث عن مشاعر الحزن أو الخۏف أو الألم النفسي، ولكن الرسم أو الكتابة أو الرقص يمكن أن يكون لها دور تحريري وتواصلي فعّال.

علاوة على ذلك، أصبحت الفنون تُستخدم في العلاج النفسي تحت مسميات مثل "العلاج بالفن" أو "العلاج بالموسيقى"، وهي تُطبَّق في العديد من المستشفيات والمراكز العلاجية حول العالم. هذه الأساليب تساعد المرضى على التعبير عن الذات، وتحسين التواصل مع الآخرين، وتعزيز الاستقرار النفسي والعاطفي.

إذاً، يمكن القول إن الفن ليس مجرد نشاط ثقافي أو ترفيهي، بل هو حاجة نفسية وإنسانية عميقة . ومن الضروري تشجيع المجتمعات على دمج الفنون في حياتهم اليومية، سواء من خلال التعليم أو برامج الصحة العامة أو الأنشطة الاجتماعية، لتكون مصدرًا للسعادة، والشفاء، والتأهيل النفسي.

 

تم نسخ الرابط