فوائد اليوغا لأذهاننا: كيف تساعد في تحقيق السلام الداخلي؟

موقع أيام نيوز

فوائد اليوغا لأذهاننا: كيف تساعدنا في تحقيق السلام الداخلي؟

في عالم يزداد صخبه وتوتره يومًا بعد يوم، بات البحث عن الهدوء الداخلي ضرورة أكثر منه ترفًا. وسط الضغوط المهنية، الانشغالات اليومية، وسرعة الحياة الحديثة، تنشأ حاجة ملحة إلى مساحة من الصمت، التأمل، والتناغم الداخلي. ومن بين الوسائل الأكثر فعالية لتحقيق هذا السلام، تبرز اليوغا كأداة شاملة تعالج الجسد والعقل والروح.

لكن، ما الذي يجعل اليوغا مختلفة عن أي تمرين آخر؟ ولماذا ترتبط بمفهوم السلام الداخلي بهذا العمق؟ في هذا المقال، نكشف كيف يمكن لليوغا أن تكون جسرًا حقيقيًا بيننا وبين أنفسنا، وأن تُعيد ترتيب فوضى أفكارنا بطريقة فريدة.

أولاً: ما هي اليوغا حقًا؟

اليوغا ليست مجرد تمارين جسدية أو حركات مرنة يؤديها الجسم. هي فلسفة حياة نشأت في الهند قبل آلاف السنين، وتجمع بين التنفس الواعي، الحركة الهادفة، والتأمل العقلي. تهدف هذه الممارسة إلى خلق انسجام بين الجسد والعقل، وإيقاظ الوعي الداخلي الذي يساعد على فهم الذات والتواصل العميق مع النفس.

1. تخفيف التوتر والقلق... من الجذور

من أبرز فوائد اليوغا وأكثرها وضوحًا قدرتها الهائلة على تقليل مستويات التوتر والقلق. فعند ممارسة وضعيات اليوغا المصحوبة بتنفس عميق ومنتظم، ينخفض هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر في الجسم، بينما ترتفع مستويات السيروتونين والدوبامين، وهي الهرمونات المسؤولة عن الإحساس بالراحة والسعادة.

الدليل العلمي: أظهرت دراسة نشرتها مجلة Frontiers in Psychiatry أن ممارسي اليوغا بانتظام أظهروا انخفاضًا ملحوظًا في أعراض القلق والاكتئاب، مقارنةً بغير الممارسين.

2. تهدئة "ثرثرة العقل"

العقل البشري في حالته الطبيعية لا يتوقف عن التفكير والتحليل، وغالبًا ما يكون هذا الحوار الداخلي مصدر قلق وإرهاق ذهني. وهنا تأتي اليوغا كوسيلة فعالة لـ تهدئة الضجيج العقلي، إذ تدرّب الذهن على الحضور الكامل في اللحظة، بعيدًا عن التفكير في الماضي أو القلق من المستقبل.

كيف؟
من خلال تمارين التأمل والتركيز على التنفس (مثل تنفس "براناياما")، يتعلم العقل أن يتباطأ، يلاحظ، ثم يصمت تدريجيًا، حتى يجد في هذا الصمت راحته العميقة.

3. تعزيز الوعي الذاتي

إحدى القيم الجوهرية في اليوغا هي الانتباه الواعي. أثناء التمرين، لا تكتفي بتحريك جسدك، بل تراقب تنفسك، مشاعرك، وحدودك الجسدية دون حكم أو مقاومة. هذا التمرين الذهني اليومي يعزز قدرتك على فهم ذاتك بعمق: متى تشعر بالتوتر؟ ما الذي يحفزك؟ ما الذي تحتاجه بالفعل؟ إنها بداية قوية لبناء علاقة صحية مع نفسك.

4. دعم النوم الصحي وتجديد الطاقة

عندما يهدأ العقل، يتحسن النوم. كثيرون يعانون من الأرق الناتج عن التوتر والتفكير المفرط، وهنا تأتي فائدة اليوغا في تهيئة الجسم والعقل للنوم العميق.

تمارين مثل "يوغا نيدرا" (Yoga Nidra) – وهي حالة من الاسترخاء الموجه – تساعد على إطلاق التوترات العميقة في الجهاز العصبي، وتمنح العقل إحساسًا بالراحة يعادل ساعات من النوم.

5. تقوية الذكاء العاطفي

السلام الداخلي لا يعني فقط غياب القلق، بل أيضًا القدرة على التعامل بمرونة مع العواطف. عبر التأمل وتمارين التركيز، تنمي اليوغا إدراكك لمشاعرك دون أن تتحكم بك، مما يمنحك قوة داخلية لإدارة الصراعات والخلافات اليومية بنضج وهدوء.

6. الارتباط باللحظة الراهنة

معظم معاناتنا الذهنية تنبع من الانشغال بالماضي أو الخۏف من المستقبل. اليوغا تدعوك أن تعود إلى الآن، إلى هذه اللحظة التي تعيشها فعليًا. ومع تكرار هذه الممارسة، يتحول هذا "الوعي باللحظة" إلى أسلوب حياة يحررك من العبء الذهني المستمر.

خلاصة: اليوغا ليست حلاً مؤقتًا بل أسلوب حياة

اليوغا ليست دواءً سريع المفعول يُؤخذ عند الشعور بالضيق، بل هي رحلة مستمرة نحو الذات. تمارسها لتعيد التوازن إلى أفكارك، لتتعلم الصمت في زمن الضجيج، ولتكتشف أنك لست أفكارك ولا مشاعرك، بل أنت الوعي الذي يراقب كل ذلك بسلام.

أن تجعل من اليوغا عادة يومية، حتى ولو لبضع دقائق، هو بمثابة هدية تقدمها لعقلك وقلبك. ستلاحظ التغييرات تدريجيًا: نوم أفضل، أعصاب أهدأ، ردود فعل أذكى، وقلب أكثر صفاءً.

تم نسخ الرابط