دراسة صاډمة: النوم أكثر من 8 ساعات يزيد خطړ الإصابة بالخرف

موقع أيام نيوز

لطالما اعتُبر النوم لفترة كافية – بين سبع وتسع ساعات يوميًا – عنصرًا أساسيًا للحفاظ على صحة الجسم والعقل. فهو يتيح للدماغ تنقية الفضلات الخلوية وتعزيز الوظائف الإدراكية والذاكرة. لكن نتائج دراسة جديدة أثارت الذهول حين ربطت بين النوم لأكثر من ثماني ساعات يوميًا وارتفاع احتمال الإصابة بالخرف لدى البالغين. في هذا المقال، نستعرض أهم ما توصل إليه الباحثون، ونتناول الأدلة الداعمة وآليات هذه العلاقة، مع تقديم نصائح ناجعة لضبط مدة النوم وتعزيز صحة الدماغ على المدى الطويل.

نتائج الدراسة الأخيرة

أعدت الدراسة فريق من علماء الأعصاب بقيادة باحثين في كلية الطب بجامعة كولومبيا، وشملت متابعة أكثر من 2,500 مشارك تراوحت أعمارهم بين 60 و85 عامًا مدة خمس سنوات. اعتمد الباحثون على مزيج من استبانات نومية وأجهزة تتبع للنوم لقياس عدد ساعات النوم الفعلي بدلًا من الاعتماد على تقديرات المشاركين فقط.
وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين ناموا أكثر من ثماني ساعات في الليلة الواحدة كانوا معرضين لخطړ الإصابة بالخرف بنسبة 65% أكثر من أولئك الذين ناموا ما بين سبع وثماني ساعات فقط. كما لفتت الدراسة الانتباه إلى أن الذين ينامون أكثر من تسع ساعات تزيد لديهم النسبة إلى نحو 90%، مع تسجيل تراجع ملموس في أداء اختبارات الذاكرة والقدرات التنفيذية على مدى فترة المتابعة.

دراسات سابقة تدعم الصلة

لا يقتصر الأمر على هذه الدراسة؛ فقد درس باحثون في جامعة مانشستر تأثير طول النوم على الإدراك خلال 15 عامًا متواصلة، وخلصوا إلى أن الانتقال من نمط نوم متوسط (6–8 ساعات) إلى نمط مفرط (أكثر من 9 ساعات) رافقه ارتفاع بمقدار 2.3 ضعف في مخاطر الخرف. وفي مراجعة شاملة نُشرت في مجلة Nature Communications، تبيّن أن القصر (أقل من 6 ساعات) والإفراط في النوم (أكثر من 9 ساعات) يرتبطان على حد سواء بالتدهور المعرفي، مشيرين إلى أن “الاعتدال هو المفتاح”.

تفسير الآليات الكامنة

يفترض العلماء أن النوم المفرط قد يعكس خللاً في آليات الجهاز الغليمفاوي (Glymphatic System)، المسؤول عن تصريف البروتينات السامة مثل “بيتا‑أميلويد” خارج الدماغ أثناء النوم. حين يكون النوم ضمن المعدل الطبيعي، يتم تنظيف المخ بفعالية. ولكن عندما تطول فترة النوم، قد تنخفض فعالية هذا النظام أو تتعطل إيقاعات تدفق السوائل، مما يسمح بتراكم الفضلات العصبية.
كما أن اضطراب الإيقاع اليومي (circadian rhythm) المصاحب للنوم الطويل يمكن أن يؤثر على إفراز الميلاتونين والكورتيزول بطرق تزيد الإجهاد التأكسدي وتلف الخلايا العصبية مع مرور الوقت، ما يضعف الشبكات العصبية المسؤولة عن التعلم والذاكرة.

العوامل المتغيرة مع التقدم في العمر

أظهرت أبحاث أخرى أن علاقة طول النوم بالخرف ليست موحدة عبر الفئات العمرية. ففي كبار السن فوق 75 عامًا، يرتبط القصر في النوم (أقل من 5 ساعات) بخطړ يعادل تقريبًا مخاطر الإفراط في النوم، ما يعكس أن الدماغ المتقدم في السن يحتاج إلى رعاية خاصة لنمط النوم. وتشير الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب إلى أن الحاجة للنوم الطويل قد تكون أحيانًا من العلامات المبكرة لتدهور المخ، بمعنى أن الأشخاص المنهكين قد ينامون أكثر لأن أدمغتهم تحاول التعافي من العملية المړضية نفسها لا أنها سببها.

توصيات للحفاظ على نوم صحي ومتوازن

الالتزام بجدول ثابت: حاول الثبات على مواعيد نوم واستيقاظ واحدة يوميًا، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.

تهيئة بيئة النوم: اجعل غرفة نومك مظلمة تمامًا وهادئة ودرجة حرارتها معتدلة، لتسهيل الدخول في النوم العميق.

التخلي عن الشاشات قبل النوم: أوقف استخدام الهواتف والتلفاز والحواسب قبل ساعة على الأقل من موعد النوم، لأن الضوء الأزرق يثبط إفراز الميلاتونين.

الرياضة المنتظمة: مارس نشاطًا بدنيًا معتدلًا خلال اليوم، لكن امتنع عن التمارين القوية في الساعات الثلاث الأخيرة قبل النوم.

تجنب المنبهات والأطعمة الثقيلة: قلل من القهوة والشاي والمنبهات بعد الظهر، ولا تتناول وجبات دسمة قرب موعد النوم لتجنب عسر الهضم وإيقاظك المتكرر.

تشير الأدلة المتراكمة إلى أن النوم لأكثر من ثماني ساعات يوميًا، خصوصًا إذا ارتفع فوق تسع ساعات، قد يزيد من احتمال الإصابة بالخرف ويعكس اضطرابًا في عمل أجهزة تنظيف الدماغ وإيقاعه الحيوي. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار النوم الطويل بحد ذاته سببًا وحيدًا، بل مؤشرًا يحتمل أن يدلّ على تغيرات عصبية مبكرة. من هنا، يظل الاعتدال في مدة النوم وجودته—إلى جانب مراقبة أي تغيرات مفاجئة في نمط النوم—الاستراتيجية الأكثر أمانًا للحفاظ على صحة الدماغ والوقاية من الاضطرابات المعرفية في المستقبل.

تم نسخ الرابط