التلوث البلاستيكي لنتعرف عليه أكثر

موقع أيام نيوز

 التلوث البلاستيكي: خطرٌ صامت ېهدد كوكب الأرض

في خضمّ انشغال العالم بالأزمات الاقتصادية والصراعات السياسية، يتسلل خطرٌ آخر، أكثر هدوءًا لكنه لا يقل فتكًا: التلوث البلاستيكي، الذي بات اليوم أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض، وسط تحذيرات متزايدة من علماء البيئة ومناشدات منظمات دولية للحد من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام.

 أرقام صاډمة: البلاستيك يطغى على الكوكب

بحسب تقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتم إنتاج أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك سنويًا، يُستخدم نصفها تقريبًا مرة واحدة فقط، ثم يُرمى في البيئة. وتشير التقديرات إلى أن 11 مليون طن من البلاستيك ينتهي بها المطاف كل عام في المحيطات، ما يعادل تفريغ شاحنة نفايات بلاستيكية كل دقيقة.

ويُتوقّع، إذا استمر الوضع على حاله، أن تتضاعف هذه الكمية بحلول عام 2040، مما ېهدد الحياة البحرية والأنظمة البيئية، بل وحتى صحة الإنسان.

 الكائنات البحرية أول الضحايا

تُظهر لقطات وثائقية وتقارير ميدانية لا تُحصى حجم الکاړثة التي يسببها البلاستيك في المحيطات. آلاف السلاحف، والطيور البحرية، والدلافين، والحيتان، ټموت سنويًا بعد ابتلاعها أكياسًا وزجاجات بلاستيكية، ظنًا منها أنها طعام. بعض هذه الكائنات تُظهر عند تشريحها معدة ممتلئة بالبلاستيك، ما يؤدي إلى اختناقها أو انسداد أجهزتها الهضمية.

وفي إحدى الحالات الصاډمة التي وثّقتها منظمة "غرينبيس"، عُثر على حوت نافق في سواحل الفلبين، وقد تم استخراج 40 كيلوغرامًا من البلاستيك من داخله.

البلاستيك على موائدنا أيضًا!

لكن الخطړ لا يقتصر على البيئة البحرية فحسب. فقد أثبتت دراسات علمية أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة (الميكروبلاستيك) أصبحت الآن موجودة في كل مكان: في مياه الشرب، في الأغذية البحرية، وحتى في ملح الطعام. وأظهرت إحدى الدراسات أن الإنسان قد يستهلك ما يصل إلى 5 غرامات من البلاستيك أسبوعيًا – أي ما يعادل حجم بطاقة ائتمان – دون أن يدري.

هذه الجزيئات الدقيقة قد تخترق الأنسجة وتسبب التهابات ومشكلات صحية محتملة على المدى الطويل، لكن لا تزال الأبحاث جارية لفهم التأثيرات الكاملة.

من يتحمل المسؤولية؟

اللوم لا يقع فقط على المستهلكين، بل أيضًا – وربما أولًا – على الشركات الكبرى التي تستخدم البلاستيك بشكل مفرط في التغليف والتسويق. وتشير تقارير إلى أن 20 شركة فقط مسؤولة عن أكثر من نصف النفايات البلاستيكية أحادية الاستخدام عالميًا.

وقد بدأت بعض الحكومات في اتخاذ خطوات للحد من المشكلة، مثل فرض ضرائب على الأكياس البلاستيكية أو حظر استخدامها تمامًا. ومع ذلك، لا تزال الكثير من الدول، خاصة النامية منها، تفتقر إلى بنى تحتية فعّالة لإدارة النفايات وإعادة التدوير.

 الأمل في التغيير

رغم حجم الکاړثة، إلا أن هناك بصيص أمل. حملات التوعية البيئية باتت أكثر انتشارًا، والابتكارات في مجال المواد البديلة للبلاستيك تشهد نموًا ملحوظًا. شركات ناشئة تعمل على تطوير مواد تعبئة قابلة للتحلل، وأخرى تصنع عبوات من الطحالب أو الفطر أو قصب السكر.

كما أن الأفراد يلعبون دورًا حاسمًا. التحول إلى استخدام القوارير القابلة لإعادة الاستخدام، ورفض الأكياس البلاستيكية، ودعم المنتجات الصديقة للبيئة، كلها خطوات بسيطة لكنها فعالة إذا تبناها عدد كبير من الناس.

ختامًا: هل نلحق بالوقت؟

إن التلوث البلاستيكي ليس مشكلة تخص المحيطات أو الكائنات البحرية فقط، بل هو ټهديد مباشر لاستدامة الحياة على كوكب الأرض. وإذا لم تُتخذ إجراءات جذرية وسريعة، فقد نجد أنفسنا أمام أزمة بيئية وصحية أكبر مما نتوقع.

إن المسؤولية تقع على عاتق الحكومات، والشركات، والأفراد على حد سواء. والمطلوب الآن، أكثر من أي وقت مضى، هو تحرك عالمي موحد قبل أن يُغرقنا البلاستيك حرفيًا.

تم نسخ الرابط