بق الفراش دراسة تكشف تطور مقاومة جينية لدى هذه الحشرات للمبيدات

في مواجهة متجددة مع حشرات بق الفراش (Cimex lectularius) التي ترفض الانقراض رغم حملات الرش المكثفة، كشفت الأبحاث الجينية الحديثة عن آليات مقاومة متطورة تُعقّد جهود المكافحة العالمية. إذ توصلت دراسات متنوعة إلى طفرات في جين knockdown resistance (kdr) المسؤولة عن تقليل حساسية القنوات العصبية تجاه البيريثرويدات، بالإضافة إلى رفع نشاط إنزيمات عائلة Cytochrome P450 القادرة على تفكيك المبيد قبل وصوله إلى موقع عمله. هذه التطورات الجينية لا تعكس مجرد قدرة الحشرات على النجاة، بل تحذّر من ضرورة إعادة تصميم استراتيجيات المكافحة واللجوء إلى حلول متكاملة تشمل الميكانيكي والحراري والبيولوجي.

1. الخلفية وأهمية الدراسة

يُعتبر استخدام مبيدات البيريثرويد من أوسع أساليب مكافحة بق الفراش؛ لما توفره من تأثير سريع على الجهاز العصبي للحشرة، لكن فعالية هذه المبيدات تتضاءل مع تطور المقاومة في الحقول والمختبرات على حد سواء . تقارير متكررة منذ العقد الماضي تشير إلى فشل متزايد في برامج الرش المكثف، وارتفاع معدلات إعادة الإصابة، الأمر الذي دفع الباحثين للتركيز على الأسباب الجينية لهذا الصمود المذهل .

2. الطفرات الجينية المرتبطة بالمقاومة

2.1 طفرات kdr في قناة الصوديوم

طفرات kdr (knockdown resistance) في جين قناة الصوديوم العصبي تقلل من ارتباط البيريثرويدات بموقعها المستهدف، مما يمنع شلّ الحشرة وإيقاف نشاطها الحيوي . سجلت دراسات ميدانية انتشارًا واسعًا لهذه الطفرات، ففي مدينة نيويورك مثلاً وصلت نسبة المقاومة لليريثرويد إلى 264 ضعف المقاومة المسجلة في فلوريدا .

2.2 تنشيط إنزيمات Cytochrome P450

علاوة على ذلك، أظهرت أبحاث جزيئية ارتفاع تعبير إنزيمات CYP397A1 وCYP6DN1 في سلالات مقاومة، إذ تؤدي إلى أكسدة وتحطيم جزيئات المبيد قبل وصولها إلى الأهداف العصبية داخل الحشرة . قام بعض الباحثين بتعطيل هذه الجينات عبر تقنية dsRNA فاستعادت الحشرات قليلاً من حساسية البيريثرويد، مما يؤكد الدور الحاسم لهذه المسارات الأيضية .

3. الدراسات الجينية الحديثة

3.1 مقارنة جينوم المقاومة والمستسلمة

في دراسة أجريت بجامعة هيروشيما، قورن جينوم سلالة مقاومة – جُمعت عام 2010 – مع سلالة مستسلمة مخزنة منذ 68 عامًا؛ فبينت زيادة مقاومة بمقدار 19,859-fold في السلالة الحديثة، إلى جانب أكثر من 100 طفرة جديدة في جينات استقلاب السمۏم 

3.2 أول دليل على طفرة حديثة في الولايات المتحدة

أعلن باحثو جامعة فرجينيا تك في أبريل 2025 اكتشاف طفرة جديدة (CVE-2024-XXXXX) تعطل موقع ارتباط المبيد بالقناة العصبية، ما قد يفسر ارتفاع مقاومة عزلت في عينات محلية لأول مرة منذ عقود 

4. تداعيات على برامج المكافحة

4.1 فشل الرش المكثف

نتيجة لهذه المقاومة الجينية، أبلغت فرق المكافحة في فنادق ومساكن عن بقاء 30–50% من الحشرات حية بعد الرش بالبيريثرويدات، مما يزيد من تكلفة وبرمجة الجولات المتكررة للحملة .

4.2 البحث عن حلول بديلة

يوصي الخبراء بدمج الطرق الميكانيكية (مثل الكشف الحراري والشفط) مع المعالجات الحرارية بدرجات >50 °C للقضاء على البيوض واليرقات دون تحفيز المقاومة الكيميائية . كما تتجه بعض الأبحاث إلى استخدام مبيدات من فئات Pyrroles وInsect Growth Regulators لتفادي الضغط الانتقائي على قنوات الصوديوم فقط 

5. توصيات مستقبلية

المراقبة الجينية الدورية

تتبع انتشار طفرات kdr وإنزيمات P450 في الحقول الحضرية والمطارات لتحديد بؤر المقاومة الناشئة بسرعة.

تنويع مخطط المبيدات

استخدام مجموعات مبيدات متعددة الآليات للحد من تركيز الضغط الانتقائي على مسار واحد فقط. 

البحث في تحرير الجينات

دراسة إمكانات تقنية CRISPR لإدخال أليلات حساسة لمكافحة المقاومة جينيًا، مع مراعاة الاعتبارات البيئية والأخلاقية.

إن التطور الجيني لمقاومة بق الفراش يُمثل تحديًا حقيقيًا ېهدد صحة الإنسان والاقتصادات المنزلية والصناعية عالمياً. إن الفهم الدقيق لآليات kdr وP450 يمهد الطريق لاستراتيجيات مكاملة تجمع بين التقنيات الميكانيكية والحرارية والكيميائية والبيولوجية، لضمان فعالية مستدامة في مكافحة هذه الآفة العنيدة.