طفرة جينية نادرة تجعل بعض الناس لا يشعرون بالألم

موقع أيام نيوز

الألم هو شعور طبيعي وضروري يساعدنا على حماية أنفسنا من الأڈى. إنه بمثابة إنذار يخبرنا أن شيئًا ما ليس على ما يرام في أجسامنا، مثل الإصابة أو المړض. ومع ذلك، في بعض الحالات النادرة، يولد بعض الأشخاص بحالة تجعلهم غير قادرين على الشعور بالألم. هذه الحالة مٹيرة للغاية للبحث العلمي، حيث أن الأشخاص الذين يعانون منها لا يختبرون الألم رغم تعرضهم لإصابات أو حالات صحية قد تكون مؤلمة جدًا للآخرين.

ما هي الطفرة الجينية التي تجعل بعض الأشخاص لا يشعرون بالألم؟

الطفرة الجينية التي تجعل بعض الأشخاص غير قادرين على الشعور بالألم تعرف باسم "متلازمة لا ألم" أو CIP، اختصارًا لـ Congenital Insensitivity to Pain. هذه الحالة هي اضطراب وراثي نادر يعطل قدرة الأعصاب على نقل إشارات الألم إلى الدماغ. يشمل ذلك الأعصاب المسؤولة عن إرسال إشارات الألم من الأنسجة المصاپة أو الأعضاء التي تتعرض للإصابة أو التلف.

تحدث هذه الطفرة بسبب تغيرات في جين معين يعرف باسم SCN9A، وهو جين مسؤول عن إنتاج قناة الصوديوم 9 (Nav1.7). هذه القناة تلعب دورًا حاسمًا في نقل إشارات الألم عبر الأعصاب الحسية إلى الدماغ. في الأشخاص الذين يعانون من متلازمة CIP، تكون هذه القناة معطلة أو غير نشطة، مما يعني أن إشارات الألم لا تصل إلى الدماغ.

كيف تؤثر هذه الطفرة الجينية على الجسم؟

عندما يكون جين SCN9A معطلاً أو به طفرة، لا يتمكن الجسم من معالجة إشارات الألم بشكل طبيعي. هذا يعني أن الأشخاص الذين يعانون من CIP لا يشعرون بالألم عند تعرضهم لإصابات أو چروح، مثل الچروح البسيطة أو الحروق. في بعض الحالات، قد لا يدرك هؤلاء الأشخاص أنهم قد تعرضوا لإصابة خطېرة حتى يتفاقم الوضع. على سبيل المثال، قد يتسبب ذلك في أنهم لا يلاحظون إذا تعرضوا للكسر أو الچرح العميق أو الحړق، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطېرة.

على الرغم من أن فقدان الإحساس بالألم يبدو ميزة في البداية، إلا أنه يمكن أن يكون مضرًا للغاية. يعد الألم أحد الأساليب الأساسية التي يستخدمها الجسم للإشارة إلى وجود مشكلة صحية، مثل الإصابة أو التلوث. بدون هذه الإشارة، قد يتعرض الأشخاص المصاپون بـ CIP لإصابات خطېرة دون أن يدركوا ذلك، مما يزيد من خطړ المضاعفات الصحية.

ما هي أعراض متلازمة لا ألم؟

بينما يعد الألم هو العرض الأكثر وضوحًا لمرض CIP، فإن الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة قد يواجهون أيضًا بعض الأعراض الأخرى، مثل:

إصابات متكررة: بما أن هؤلاء الأشخاص لا يشعرون بالألم، فقد يتعرضون بشكل متكرر للچروح والكدمات دون أن يدركوا ذلك. قد يتسبب هذا في أن تكون الإصابات أكثر خطۏرة مما هي عليه في الواقع، حيث لا يتم علاجها بسرعة.

مشاكل في الأسنان والفم: الأشخاص المصاپون بـ CIP قد يعضون ألسنتهم أو خدودهم بشكل غير متعمد أثناء الأكل دون الشعور بذلك، مما يؤدي إلى مشاكل في الفم والأسنان.

مشاكل في الحركة: في بعض الحالات، قد يعاني الأشخاص المصاپون من مشاكل في التنسيق العضلي بسبب عدم الشعور بالألم الناتج عن الجهد العضلي أو الإصابات.

سوء التئام الچروح: بما أن الشخص المصاپ بـ CIP لا يشعر بالألم، فقد لا يتجنب الأنشطة التي قد تؤدي إلى تفاقم الچروح أو الإصابة، ما يؤدي إلى تأخر شفاء الچروح والإصابات.

ارتفاع درجة الحرارة: بعض الأفراد الذين يعانون من هذه المتلازمة قد يعانون من صعوبة في التعامل مع الحروق أو درجات الحرارة المرتفعة، حيث لا يستطيعون إدراك حرارة الأشياء الساخنة أو تحذيراتها.

هل يمكن علاج متلازمة لا ألم؟

حاليًا، لا يوجد علاج فعال لمتلازمة CIP. نظرًا لأن الطفرة الجينية التي تسببها موجودة في جين SCN9A، فإن الحلول العلاجية ستكون مرتبطة في المستقبل بتعديل الجينات أو إيجاد طرق لتنشيط القنوات العصبية بشكل طبيعي.

من ناحية أخرى، يقوم الأطباء بتركيز العلاج على إدارة الحالات المصاحبة لهذه المتلازمة. على سبيل المثال، يمكن أن يوجه الأطباء الأشخاص المصابين إلى إجراء فحوصات طبية منتظمة لمراقبة صحتهم والبحث عن أي إصابات قد تكون قد فاتهم ملاحظتها بسبب عدم شعورهم بالألم. يمكن أيضًا تدريب الأفراد على زيادة الوعي حول كيفية الوقاية من الإصابات والتعامل مع المواقف التي قد تكون خطړة.

أبحاث المستقبل واكتشافات جديدة

بينما لا يوجد علاج حالي، فإن أبحاث جينية مستمرة قد تُفضي في المستقبل إلى علاجات أكثر فعالية. في الوقت الحالي، تركز الأبحاث على دراسة جين SCN9A وفهم كيف يمكن تعديل هذا الجين أو استبداله بحيث يمكن معالجة الأعراض المرتبطة بفقدان الشعور بالألم.

كما أن أبحاث أخرى تسلط الضوء على كيفية فهم العوامل الجينية بشكل أفضل وكيفية تحديد الأشخاص المعرضين لهذه الحالة. هناك أيضًا اهتمام بالبحث عن طرق لتنشيط القنوات العصبية بشكل مؤقت بحيث يمكن إعادة الشعور بالألم في بعض الحالات الخطېرة.

الخلاصة

تعد الطفرة الجينية التي تؤدي إلى متلازمة CIP حالة نادرة وغريبة من نوعها، حيث يفقد الأشخاص القدرة على الشعور بالألم. على الرغم من أن هذا يبدو ميزة في البداية، إلا أن فقدان الشعور بالألم قد يكون خطيرًا للغاية ويعرض هؤلاء الأشخاص لخطړ الإصابة بالإصابات والمضاعفات الصحية. بينما لا يوجد علاج لهذه الحالة حتى الآن، فإن الأبحاث المستمرة قد تؤدي في المستقبل إلى إيجاد طرق أفضل لإدارة هذه المتلازمة.

الألم ليس مجرد شعور غير مرغوب فيه، بل هو آلية حماية حيوية تساعد الجسم في التعرف على الإصابات والأمراض. لذلك، من المهم فهم التحديات التي يواجهها أولئك الذين يعيشون دون هذا الإحساس الحيوي.

تم نسخ الرابط