مشاركون في مؤتمر التوحد يؤكدون: تبادل الخبرات المتخصصة هو مفتاح التقدم في الرعاية والدعم

موقع أيام نيوز

مشاركون في مؤتمر التوحد يؤكدون: تبادل الخبرات المتخصصة هو مفتاح التقدم في الرعاية والدعم

شهدت فعاليات "المؤتمر الدولي لاضطراب طيف التوحد" الذي أُقيم مؤخرًا في العاصمة، مشاركة واسعة من خبراء وأطباء وباحثين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني من مختلف أنحاء العالم، والذين أجمعوا على أهمية تبادل الخبرات والمعارف المتخصصة كركيزة أساسية في تحسين جودة الرعاية والخدمات المقدمة للأشخاص المصابين باضطراب التوحد.

المؤتمر الذي امتد لثلاثة أيام، جاء تحت شعار: "نحو فهم أعمق وتعاون أشمل"، واستعرض أحدث الدراسات والتقنيات المستخدمة في مجالات التشخيص المبكر، والتأهيل السلوكي، والدمج المجتمعي والتعليمي. وقد اتفق المشاركون على أن النهوض بمستوى الخدمات يتطلب جهدًا جماعيًا وتنسيقًا مستمرًا بين مختلف القطاعات المعنية بالتوحد، من تعليم وصحة وبحث علمي وأسرة.

خبرات متعددة تحت سقف واحد

أكدت الدكتورة ليلى الحارثي، المتخصصة في علم النفس الإكلينيكي، أن اللقاءات العلمية مثل هذا المؤتمر تُشكّل فرصة ذهبية لتبادل المعارف بين الخبراء من خلفيات ثقافية ومهنية مختلفة. وقالت: "كل بيئة تمتلك تحدياتها الخاصة، ولكن ما يجمعنا هو الهدف المشترك: تحسين حياة الأطفال المصابين بالتوحد وتمكين أسرهم. تبادل الخبرات يمكن أن يُحدث فرقًا جوهريًا في كيفية تقديم الدعم."

ومن جهته، أشار الدكتور أندرياس مولر، وهو باحث ألماني مختص في استخدام التكنولوجيا لمساعدة الأطفال ذوي التوحد، إلى أن نقل التجارب الناجحة من بلد إلى آخر يتطلب فهمًا للسياق المحلي، لكنه يفتح آفاقًا كبيرة للتطور السريع. وأضاف: "من خلال التعاون الدولي، يمكننا تسريع الوصول إلى حلول أكثر فعالية."

التكنولوجيا والتعليم الشامل

خصص المؤتمر جلسات متعددة لمناقشة دور التكنولوجيا في دعم المصابين بطيف التوحد، حيث عُرضت تطبيقات ذكية وبرمجيات تفاعلية تُستخدم لتحسين المهارات الاجتماعية والتواصلية للأطفال. كما طُرحت تجارب دولية ناجحة في دمج أطفال التوحد ضمن المدارس النظامية، مع التأكيد على ضرورة إعداد الكوادر التربوية بشكل متخصص لتلبية احتياجاتهم.

الدكتورة نجلاء فؤاد، خبيرة التعليم الشامل، شددت على أن دمج أطفال التوحد في المجتمع يبدأ من المدرسة، وأن تبادل الخبرات التربوية بين الدول يُعد خطوة محورية في تطوير استراتيجيات فعالة ومستدامة لدمجهم دون تمييز.

أصوات من الواقع

لم تقتصر مداخلات المؤتمر على الأكاديميين والخبراء، بل كان لأسر المصابين بالتوحد صوت حاضر ومؤثر. وتحدثت أم لطفل يبلغ من العمر 10 سنوات عن تجربتها في رحلة التشخيص والتأهيل، مشددة على أن المعلومات والدعم النفسي الذي تلقته من خلال برامج دولية عبر الإنترنت ساعدتها كثيرًا في فهم حالة ابنها.

وقالت: "في البداية كنت تائهة، لكن حين تواصلت مع أمهات من دول مختلفة، بدأت أتعلم منهم وأشعر أنني لست وحدي. هذه الشبكات غير الرسمية من الأمهات والمتخصصين تُعد كنزًا حقيقيًا."

دعوة للتعاون المستدام

في ختام المؤتمر، أصدر المشاركون توصيات شملت تعزيز الشراكات بين المراكز البحثية، وتكثيف البرامج التدريبية المتخصصة، وإنشاء منصات رقمية لتسهيل تبادل الخبرات بشكل مستمر، إضافة إلى إشراك أولياء الأمور كمصدر أساسي للمعلومات والدعم.

ويُعد هذا المؤتمر علامة بارزة في الجهود الدولية المبذولة لفهم التوحد بشكل أعمق، ومعالجة التحديات التي تواجه المصابين وأسرهم. ولعل الرسالة الأهم التي خرج بها الجميع هي أن التعاون، وليس الانعزال، هو السبيل الوحيد لتحقيق التغيير الحقيقي.

تم نسخ الرابط